وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) (١٩٩)
وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) يعني القرآن.
وقوله : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍ) متعلق ب (نَزَلَ) ، أي : سمعه النبي صلىاللهعليهوسلم من جبريل حروفا عربيّة ، وهذا هو القول الصحيح ، وما سوى هذا فمردود.
وقوله سبحانه : (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) أي : القرآن مذكور في الكتب المنزّلة القديمة ، منبّه عليه ، مشار إليه (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ كعبد الله بن سلام ونحوه ؛ قاله ابن عباس ومجاهد (١) ، قال مقاتل (٢) : هذه الآية مدنية ، ومن قال إنّ الآية مكّيّة ذهب إلى أنّ علماء بني إسرائيل ذكروا لقريش أنّ في التوراة صفة النّبيّ الأمّيّ ، وأنّ هذا زمانه ، فهذه الإشارة إلى ذلك ؛ وذلك أنّ قريشا بعثت إلى الأحبار يسألونهم عن أمر النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم أخبر تعالى أنّ هذا القرآن لو سمعوه من أعجم ، أي : من حيوان غير ناطق ، أو من جماد ، والأعجم : كل ما لا يفصح ـ ما كانوا يؤمنون ، والأعجمون : جمع أعجم ، وهو الذي لا يفصح ، وإن كان عربيّ النّسب ، وكذلك يقال للحيوانات والجمادات ، ومنه الحديث : «جرح العجماء جبار» (٣) والعجميّ هو الذي نسبه
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٧٦ ، ٤٧٧) برقم (٢٦٧٧١) عن ابن عباس ، و (٢٦٧٧٢) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٣) ، والسيوطي (٥ / ١٧٧) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس ، ولابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٣)
(٣) أخرجه البخاري (٥ / ٣٣) : كتاب المساقاة : باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن ، حديث (٢٢٥٥) ، و «مسلم» (٣ / ١٣٣٤) : كتاب الحدود : باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار ، حديث (٤٥ / ١٧١٠) ، وأبو داود (١٤) : كتاب الخراج والإمارة والفيء : باب ما جاء في الركاز وما فيه ، حديث (٣٠٨٥) ، والترمذيّ (٢ / ٤١٨) : كتاب الأحكام : باب ما جاء في العجماء أن جرحها جبار. حديث (١٣٩١) ، والنسائي (٥ / ٤٥) : كتاب الزكاة : باب المعدل ، وابن ماجه (٢ / ٨٣٩) : كتاب اللقطة : باب من أصاب ركازا ، حديث (٢٥٠٩) ، ومالك (١ / ٢٤٩) : كتاب الزكاة : باب زكاة الحديث (٩) ، والشافعي (١ / ٢٤٨) : كتاب الزكاة الباب الرابع في الركاز والمعادن ، حديث (٦٧١ ، ٦٧٢) ، وأبو عبيد (٤٢٠ ، ٤٢١) : كتاب الخمس وأحكامه وسننه : باب الخمس في المعادن والركاز والطيالسي (ص : ٣٠٤) ، حديث (٢٣٠٥) ، وابن أبي شيبة (٣ / ٢٢٤ ، ٢٢٥) : كتاب الزكاة : باب في الركاز يجدوه القوم ، فيه زكاة ، وأحمد (٢ / ٢٢٨) ، وابن الجارود (ص : ١٣٥) : كتاب الزكاة ، حديث (٣٧٢) ، والبيهقي (٤ / ١٥٥) : كتاب الزكاة : باب زكاة الركاز ، وعبد الرزاق (١٠ / ٦٦) ، رقم (١٨٣٧٣) ، والحميدي (٢ / ٤٦٢) ، رقم (١٠٧٩) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣ / ٢٠٤) ، وأبو يعلى (١٠ / ٤٣٧) ، رقم (٦٠٥٠) ، والطبراني في «الصغير» (١ / ١٢٠ ـ ١٢١) ، من حديث أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «العجماء جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس».