وقوله : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) قالت فرقة : هو استثناء متّصل. لأنّ في الآباء الأقدمين من قد عبد الله تعالى ، وقالت فرقة : هو استثناء منقطع ؛ لأنه إنّما أراد عبّاد الأوثان من كل قرن منهم ، وأسند إبراهيم عليهالسلام المرض إلى نفسه والشفاء إلى ربه عزوجل ، وهذا حسن أدب في العبارة ، والكل من عند الله ، وأوقف عليهالسلام نفسه على الطمع في المغفرة ، وهذا دليل على شدّة خوفه مع علوّ منزلته عند الله ، وروى الترمذيّ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من عاد مريضا أو زار أخا [له] (١) في الله ـ ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوّأت من الجنّة منزلا» (٢) ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، انتهى. وفي «صحيح مسلم» عن ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنّة حتّى يرجع ، قيل : يا رسول الله ، وما خرفة الجنّة؟ قال : جناها» (٣) انتهى ، وعنه صلىاللهعليهوسلم : «من عاد مريضا لم يحضر أجله ، فقال عنده سبع مرّات : أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم (٤) أن يشفيك ـ إلّا عافاه الله سبحانه» (٥) خرجه أبو داود ، والترمذيّ ، والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» بالإسناد الصحيح ، انتهى من «حلية النوويّ» ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من عاد مريضا لم يحضر أجله ، فقال عند رأسه سبع مرّات : أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم ـ أن يشفيك ـ إلّا عافاه الله من ذلك المرض» (٦). رواه أبو داود واللفظ له ، والترمذيّ والنسائيّ والحاكم وابن حبّان في «صحيحيهما» بمعناه ، وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، يعني : البخاريّ ومسلما ، وفي رواية النسائيّ وابن حبّان : «كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا عاد المريض ، جلس عند رأسه ، ثمّ قال» ، فذكر مثله بمعناه انتهى من «السلاح».
__________________
(١) سقط في ج.
(٢) أخرجه الترمذيّ (٤ / ٣٦٥) كتاب البر والصلة : باب ما جاء في زيارة الإخوان ، حديث (٢٠٠٨) ، وابن ماجه (١ / ٤٦٤) كتاب الجنائز : باب ما جاء في ثواب من عاد مريضا ، حديث (١٤٤٣). كلاهما من طريق أبي سنان القسملي عن عثمان بن أبي سودة عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذيّ : هذا حديث حسن غريب ، وأبو سنان اسمه عيسى بن سنان.
(٣) أخرجه مسلم (٤ / ١٩٨٩) كتاب البر والصلة : باب فضل عيادة المريض ، حديث (٤٢ / ٢٥٦٨)
(٤) في ج : رب العرش الكريم.
(٥) أخرجه أبو داود (٢ / ٢٠٤) كتاب الجنائز : باب الدعاء للمريض عند العيادة ، حديث (٣١٠٦) ، والترمذيّ (٤ / ٤١٠) كتاب الطب : باب (٣٢) حديث (٢٠٨٣) ، والحاكم (١ / ٣٤٢) من حديث ابن عباس. وقال الحاكم : صحيح على شرط البخاري. وصححه النووي في «الأذكار» (ص ـ ١٦٧)
(٦) تقدم تخريجه.