الذي يدخله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، انتهى ، أخرجه في «الموطّإ».
وقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصارِهِمْ) أظهر ما في (مِنْ) أن تكون للتبعيض ، لأنّ أول نظرة لا يملكها الإنسان ؛
وإنّما يغضّ فيما بعد ذلك ، فقد وقع التبعيض بخلاف الفروج ؛ إذ حفظها عامّ لها ،
والبصر هو الباب الأكبر إلى القلب ، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ، ووجب التحذير
منه ، وحفظ الفرج هو عن الزنا وعن كشفه حيث لا يحل.
قلت : النواظر صوارم مشهورة فاغمدها في غمد الغضّ والحياء من نظر
المولى وإلّا جرحك بها عدوّ الهوى ، لا ترسل بريد النظر فيجلب لقلبك رديء الفكر ،
غضّ البصر يورث القلب نورا ، وإطلاقه يقدح في القلب نارا. انتهى من «الكلم
الفارقية في الحكم الحقيقية».
قال ابن
العربيّ في «أحكامه» : قوله تعالى : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) يريد : أطهر وأنمى ، يعني : إذا غضّ بصره كان أطهر له
من الذنوب وأنمى لعمله في الطاعة.
قال ابن العربي
: ومن غضّ البصر : كفّ التطلع إلى المباحات من زينة الدنيا وجمالها ؛ كما
قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) ٣٧ ب (زَهْرَةَ الْحَياةِ /
الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) [طه : ١٣١]. يريد ما عند الله تعالى ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصارِهِنَّ ...) الآية : أمر الله تعالى النساء في هذه الآية بغضّ البصر
عن كل ما يكره ـ من جهة الشرع ـ النظر إليه ، وفي حديث أمّ سلمة قالت : كنت أنا
وعائشة عند النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فدخل ابن أمّ مكتوم فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «احتجبن ، فقلن : إنّه أعمى! فقال صلىاللهعليهوسلم : «أفعمياوان أنتما» و (مِنْ) الكلام فيها كالتي قبلها.
__________________