الأصوب من حيث أنكروا البعث /. وكان قولهم : إنهم لا يقومون من التراب ، وقوله آخرا : (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) يقتضي ما قلناه.
قلت : الآيات محتملة للمعنيين ، والله أعلم بما أراد سبحانه ؛ قال البخاريّ (١) : قال ابن عباس : (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) أي : الملائكة (٢) ، انتهى.
ص : قرأ الجمهور : «العادّين» (٣) ـ بتشديد الدال ـ اسم فاعل من «عدّ» ، وقرأ الحسن والكسائيّ في رواية : «العادين» (٤) بتخفيف الدال ، أي : الظلمة ، و «إن» من قوله : (إِنْ لَبِثْتُمْ) نافية ، أي : ما لبثتم إلّا قليلا ، ا ه. و (عَبَثاً) : معناه : باطلا ، لغير غاية مرادة ، وخرّج أبو نعيم الحافظ عن حنش الصنعانيّ عن ابن مسعود «أنه قرأ في أذن مبتلى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ...) إلى آخر السورة ، فأفاق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما قرأت في أذنه؟ قال : قرأت : (أَفَحَسِبْتُمْ ...) إلى آخر السورة ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : لو أنّ رجلا موقنا قرأها على جبل لزال» ، انتهى (٥) ، وخرّجه ابن السنّيّ أيضا ، ذكره النووي.
وقوله سبحانه : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) : المعنى : فتعالى الله عن مقالتهم في دعوى الشريك والصاحبة والولد ، ثم توعّد سبحانه عبدة الأوثان بقوله : (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ، وفي حرف عبد الله : «عند ربك» ، وفي حرف (٦) أبيّ : «عند الله» ثم أمر تعالى نبيّه صلىاللهعليهوسلم بالدعاء والذكر له فقال : (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).
__________________
(١) ينظر : «صحيح البخاري» (٨ / ٢٩٩) كتاب التفسير : باب سورة المؤمنين.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٢٥٢) برقم (٢٥٦٩٥) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٥٩) عن مجاهد ، والسيوطي (٥ / ٣٤) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) ينظر : «البحر المحيط» (٦ / ٣٩٠)
(٤) ينظر : «البحر المحيط» (٦ / ٣٩٠) ، و «الدر المصون» (٥ / ٢٠٥) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٢٨٩)
(٥) أخرجه أبو يعلى (٨ / ٤٥٨) رقم (٥٠٤٥) ، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٦٣١) ، وأبو نعيم في «الحلية» (١ / ٧).
كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة ، عن حنش الصنعاني عن ابن مسعود به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٥ / ١١٥) ، وقال : رواه أبو يعلى ، وفيه ابن لهيعة ، وفيه ضعف ، وحديثه حسن ا ه. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣٤) ، وزاد نسبته إلى الحكيم الترمذي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
(٦) في قراءة عبد الله ، وقراءة أبي : ينظر «المحرر الوجيز» (٤ / ١٥٩).
ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٥٩)