بسلاحه ، وقرأ ابن كثير (١) وأبو عمرو : «تنبت» بضم التاء [وكسر الباء] (٢) واختلف في التقدير على هذه القراءة ، فقالت [فرقة : الباء زائدة ، كما في قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥] ، وقالت] (٣) فرقة : التقدير تنبت جناها ومعه الدّهن ، فالمفعول محذوف ، وقيل : نبت وأنبت بمعنى ؛ فيكون المعنى كما مضى في قراءة الجمهور ، والمراد بالآية تعديد النعم على الإنسان ، وباقي الآية بيّن.
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ...) الآية : هذا ابتداء تمثيل لكفّار قريش بأمم كفرت بأنبيائها فأهلكوا ، وفي ضمن ذلك الوعيد بأن يحلّ بهؤلاء نحو ما حلّ بأولئك ، والملأ : الأشراف ، والجنّة ، الجنون ، و (حَتَّى حِينٍ) معناه إلى وقت يريحكم القدر منه ، ثم إن نوحا عليهالسلام دعا على قومه حين يئس منهم ، وإن كان دعاؤه في هذه الآية ليس بنصّ ؛ وإنّما هو ظاهر من قوله : (بِما كَذَّبُونِ) فهذا يقتضي طلب العقوبة ، وأمّا النصرة بمجردها فكانت تكون بردّهم إلى الإيمان.
(فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) (٣٠)
وقوله عزوجل : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ* فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) قوله : (بِأَعْيُنِنا) : عبارة عن الإدراك هذا مذهب الحذّاق ، ووقفت الشريعة على أعين وعين ، ولا يجوز أن يقال : عينان من حيث لم توقف الشريعة على التثنية ، و (وَحْيِنا) معناه في كيفية العمل ، ووجه البيان لجميع حكم السفينة وما يحتاج إليه ، و (أَمْرُنا) يحتمل أن
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٤٤٥) ، و «الحجة» (٥ / ٢٩١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٨٧) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٨٨) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٧٥) ، و «العنوان» (١٣٦) ، و «حجة القراءات» (٤٨٤) ، و «شرح شعلة» (٥٠٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٨٢)
(٢) سقط في ج.
(٣) سقط في ج.