وقال ابن العربي (١) في «أحكامه» : الحرمات : امتثال ما أمر الله تعالى به ، واجتناب ما نهى عنه ؛ فإنّ للقسم الأوّل حرمة المبادرة إلى الامتثال ، وللثاني حرمة الانكفاف والانزجار (٢). انتهى.
وقوله : (فَهُوَ خَيْرٌ) ظاهر أنها ليست للتفضيل ، وإنما هي عدة بخير ، ويحتمل أن يجعل (خَيْرٌ) للتفضيل على تجوز في هذا الموضع.
ص : (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) أي : فالتعظيم خير له ، [انتهى] (٣).
وقوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) يحتمل معنيين.
أحدهما : أن تكون «من» لبيان الجنس أي : الرجس الذي هو الأوثان ؛ فيقع النهي عن رجس الأوثان فقط ، وتبقى سائر الأرجاس نهيها في غير هذا الموضع.
والمعنى الثاني : أن تكون «من» لابتداء الغاية فكأنه نهاهم سبحانه عن الرجس عموما ، ثم عيّن لهم مبدأه الذي منه يلحقهم ؛ إذ عبادة الوثن جامعة لكل فساد ورجس ، ويظهر أن الإشارة إلى الذبائح التي كانت للأوثان فيكون هذا ممّا يتلى عليهم ، والمرويّ عن ابن عباس وابن جرير : أنّ الآية نهي عن عبادة الأوثان (٤) ، و (الزُّورِ) عامّ في الكذب والكفر ؛ وذلك أنّ كلّ ما عدا الحق فهو كذب وباطل.
وقال ابن مسعود وغيره : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «عدلت شهادة الزور بالشّرك (٥) ،
__________________
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٨٤)
(٢) في ج : الازتجار.
(٣) سقط في ج.
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٤٤) برقم (٢٥١٢٩) عن ابن عباس ، وبرقم (٢٥١٣٠) عن ابن جريج ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٢٠) ، والسيوطي (٤ / ٦٤٦) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.
(٥) أخرجه أبو داود (٢ / ٣٢٩) كتاب الأقضية : باب في شهادة الزور حديث (٣٥٩٩) والترمذي (٤ / ٥٤٧) كتاب الشهادات : باب ما جاء في شهادة الزور حديث (٢٣٠٠) وابن ماجه (٢ / ٧٩٤) كتاب الأحكام : باب شهادة الزور حديث (٢٣٧٢) وأحمد (٤ / ٣٢١ ، ٣٢٢) والطبراني (٤ / ٢٠٩) رقم (٤١٦٢) والبيهقي (١ / ١٢١) كلهم من طريق حبيب بن النعمان عن خريم بن فاتك الأسدي به وقال الترمذي : خريم بن فاتك له صحبة وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث وهو مشهور ا. ه.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٦٤٦) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان».
وأخرجه الترمذي (٤ / ٥٤٧) كتاب الشهادات : باب ما جاء في شهادة الزور حديث (٢٢٩٩) من طريق سفيان بن زياد الأسدي عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم مرفوعا وقال الترمذي : هذا حديث ـ