والقانت (١) : المطيع الدائم على العبادة ، والحنيف : المائل إلى الخير والصّلاح.
/ وقوله سبحانه : (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) ، الآية «الحسنة» : لسان الصدق ، وإمامته لجميع الخلق ؛ هذا قول جميع المفسّرين ، وذلك أنّ كل أمة متشرّعة ، فهي مقرّة أنّ إيمانها إيمان إبراهيم ، وأنه قدوتها ، وأنه كان على الصواب.
* ت* : وهذا كلام فيه بعض إجمال ، وقد تقدّم في غير هذا الموضع بيانه ، فلا نطوّل بسرده.
وقوله سبحانه : (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ...) الآية : الملة : الطريقة في عقائد الشّرع.
(إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(١٢٥)
وقوله سبحانه : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ ...) الآية : أي : لم يكن من ملّة إبراهيم ، وإنما جعل الله فرضا عاقب به القوم المختلفين فيه ؛ قاله ابن زيد ؛ وذلك أن موسى عليهالسلام أمر بني إسرائيل أن يجعلوا من الجمعة يوما مختصّا بالعبادة ، وأمرهم أن يكون الجمعة ، فقال جمهورهم : بل يكون يوم السّبت ؛ لأن الله تعالى فرغ فيه من خلق مخلوقاته ، وقال غيرهم : بل نقبل ما أمر به موسى ، فراجعهم الجمهور ، فتابعهم الآخرون ، فألزمهم الله يوم السبت إلزاما قويّا ، عقوبة لهم ، ثم لم يكن منهم ثبوت ، بل عصوا فيه ، وتعدّوا فأهلكهم (٢) ، وورد في الحديث الصحيح ، أنّ اليهود والنّصارى اختلفوا في اليوم الذي يختصّ من الجمعة ، فأخذ هؤلاء السبت ، وأخذ هؤلاء الأحد ، فهدانا الله نحن إلى يوم الجمعة ، قال صلىاللهعليهوسلم : «فهذا يومهم الّذي اختلفوا فيه» (٣) فليس الاختلاف المذكور في الآية هو الاختلاف في هذا الحديث.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٦٥) برقم : (٢١٩٧١) ، وذكره البغوي (٣ / ٨٩) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٣٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٩١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٥٣) ، وعزاه لعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والحاكم صححه.
(٢) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٣١)
(٣) سيأتي تخريجه.