عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ)(٢١)
وقوله : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) : عبارة عن صعوبة أمره عليهم ، وروي أنّ الكافر يؤتى بالشّربة من شراب أهل النّار ، فيتكّرهها ، فإذا أدنيت منه ، شوت وجهه ، وسقطت فيها فروة رأسه ، فإذا شربها ، قطّعت أمعاءه ، وهذا الخبر مفرّق في آيات من كتاب الله عزوجل ، (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) ، أي : من كل شعرة في بدنه ؛ قاله إبراهيم التّيميّ (١) ، وقيل : من جميع جهاته السّتّ ، (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) : لا يراح بالموت ، (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) قال الفضيل بن عياض : العذاب الغليظ : حبس الأنفاس في الأجساد ، وفي الحديث : «تخرج عنق من النّار تكلّم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ، ولها لسان تكلّم به ، فتقول : إنّي أمرت بمن جعل مع الله إلها آخر ، وبكلّ جبّار عنيد ، وبمن قتل نفسا بغير نفس ، فتنطلق بهم قبل سائر النّاس بخمسمائة عام ، فتنطوي عليهم ، فتقذفهم في جهنّم» ، خرّجه البزّار (٢) ، انتهى من «الكوكب الدري».
وقوله : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) وصف اليوم بالعصوف ، وهي من صفات الريح بالحقيقة ؛ لما كانت في اليوم ، كقول الشاعر : [الطويل]
.................. |
|
ونمت وما ليل المطيّ بنائم (٣) |
وباقي الآية بيّن.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٤٣٠) برقم (٢٠٦٣٦) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٩) ، وابن عطية (٣ / ٣٣١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٣٩) وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٧٠١) كتاب «صفة جهنم» باب : ما جاء في صفة النار ، حديث (٢٥٧٤) بنحوه ، وقال الترمذي : حسن غريب صحيح.
(٣) عجز بيت وصدره :
لقد لمتنا يا أم عيلان في السرى |
|
.................. |
والبيت لجرير في «ديوانه» ص : (٩٩٣) ، و «خزانة الأدب» (١ / ٤٦٥) ، (٨ / ٢٠٢) ، و «الكتاب» (١ / ١٦٠) ، و «لسان العرب» (٢ / ٤٤٢) (ربح) ، وبلا نسبة في «الأشباه والنظائر» (٨ / ٦٠) ، و «الإنصاف» (١ / ٢٤٣) ، و «تخليص الشواهد» ص : (٤٣٩) ، والصاحبي في «فقه اللغة» (٢٢٢) ، و «المحتسب» (٢ / ١٨٤) ، و «المقتضب» (٣ / ١٠٥) ، (٤ / ٣٣١)