وفي الآية ترجية وتخويف ، وحكى الطبريّ (١) عن سفيان وعن الحسن ؛ أنهما قالا : معنى الآية : لئن شكرتم لأزيدنكم من طاعتي.
قال* ع (٢) * : وضعّفه الطبريّ ، وليس كما قال ، بل هو قويّ حسن ، فتأمّله.
* ت* : وتضعيف الطبريّ بيّن ؛ من حيث التخصيص ، والأصل التعميم (٣).
وقوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) : هذا أيضا من التذكير بأيام الله ، وقوله سبحانه : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) : قيل : معناه : ردّوا أيدي أنفسهم في أفواه أنفسهم ؛ إشارة على الأنبياء بالسّكوت ، وقال الحسن : ردّوا أيدي أنفسهم في أفواه الرسل تسكيتا لهم ، وهذا أشنع في الرّدّ (٤).
(قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ)(١٤)
وقوله عزوجل : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌ) : التقدير : أفي إلاهية الله شكّ أو : أفي وحدانيّة الله شكّ ، و «ما» ؛ في قوله (ما آذَيْتُمُونا) مصدريّة ، ويحتمل أن تكون موصولة بمعنى «الذي» ، قال الداوديّ : عن أبي عبيدة (لِمَنْ خافَ مَقامِي) : مجازه حيث أقيمه بين يديّ للحساب انتهى (٥). قال عبد الحقّ في «العاقبة» قال الربيع بن خيثم : من خاف الوعيد ، قرب عليه البعيد ، ومن طال أمله ، ساء عمله. انتهى ، وباقي الآية بيّن.
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (٧ / ٤٢٠) برقم : (٢٠٥٨٥ ـ ٢٠٥٨٦)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٢٥)
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٤٢٠) برقم : (٢٠٥٨٧ ـ ٢٠٥٨٨) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٢٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٣٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٤) ذكره البغوي (٣ / ٢٧) ، وابن عطية (٣ / ٣٢٦)
(٥) ذكره ابن عطية (٣ / ٣٣٠)