الرؤيا ، وأجيد ، فروي عن ابن مسعود : أن الفتيين استعملا هاتين المنامتين ليجرّباه (١). وروي عن مجاهد : أنهما رأيا ذلك حقيقة (٢) ، فقال أحدهما : إني أراني أعصر خمرا : قيل فيه : إنه سمّى العنب خمرا ، بالمئال ، وقيل : هي لغة أزد عمان ؛ يسمّون العنب خمرا ، وفي قراءة أبيّ وابن مسعود : «أعصر عنبا» (٣).
وقوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) : قال الجمهور : يريدان في العلم ، وقال الضّحّاك وقتادة : المعنى : من المحسنين في جريه مع أهل السّجن وإجماله معهم (٤).
وقوله عزوجل : (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) : روي عن السّدّيّ وابن إسحاق : أن يوسف عليهالسلام لما علم شدّة تعبير منامة الرائي الخبز ، وأنها تؤذن بقتله ، ذهب إلى غير ذلك من الحديث عسى ألّا يطالباه بالتعبير ، فقال لهما ؛ معلما بعظيم علمه للتعبير : إنه لا يجيئكما طعام في نومكما تريان أنكما رزقتماه إلّا أعلمتكما بتأويل ذلك الطّعام ، أي : بما يؤول إليه أمره في اليقظة قبل أن يظهر ذلك التأويل الذي أعلمكما به (٥) ، فروي أنهما قالا : ومن أين لك ما تدّعيه من العلم ، وأنت لست بكاهن ولا منجّم؟! فقال لهما : ذلك ممّا علّمني ربّي ، ثم نهض ينحي لهما على الكفر ويقبّحه ، ويحسّن الإيمان بالله ، فروي أنه قصد بذلك وجهين ؛ أحدهما : تنسيتهما أمر تعبير ما سألا عنه ؛ إذ في ذلك النّذارة بقتل أحدهما ، والآخر : الطماعية في إيمانهما ؛ ليأخذ المقتول بحظّه من الإيمان ، وتسلم له آخرته ، وقال ابن جريج : أراد يوسف عليهالسلام لا يأتيكما طعام في / اليقظة (٦).
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٢١٢) برقم : (١٩٢٧٧) ، وذكره البغوي (٢ / ٤٢٥) ، وابن عطية (٣ / ٢٤٣) ، وابن كثير (٢ / ٤٧٨)
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ٢١٢) برقم : (١٩٢٧٩) ، وذكره البغوي (٢ / ٤٢٥)
(٣) ينظر : «المحتسب» (١ / ٢٤٣) ، و «الكشاف» (٢ / ٤٦٨) ، و «المحرر الوجيز» (٢ / ٢٤٤) ، و «البحر المحيط» (٥ / ٣٠٨) ، و «الدر المصون» (٤ / ١٨٣)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٢١٤) برقم : (١٩٢٨٦ ـ ١٩٢٨٧) وبرقم : (١٩٢٨٨) ، وذكره البغوي (٢ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦) ، وابن عطية (٣ / ٢٤٤) ، والسيوطي (٤ / ٣٤) ، وعزاه لابن جرير ، وأبي الشيخ ، عن قتادة ، وعزاه أيضا لسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٥) أخرجه الطبري (٧ / ٢١٥) برقم : (١٩٢٩١ ـ ١٩٢٩٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٤٤) ، وابن كثير (٢ / ٤٧٨)
(٦) أخرجه الطبري (٧ / ٢١٦) برقم : (١٩٢٩٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٤٤) ، والسيوطي (٤ / ٣٤) ، وعزاه لأبي عبيدة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.