قال* ع (١) * : والأصوب عندي أن يكون (الدِّينُ) هاهنا على أشهر وجوهه ، أي : ذلك الشّرع والطّاعة.
وقوله : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَ) ، أي : في الاثني عشر شهرا ، أي : لا تظلموا أنفسكم بالمعاصي في الزمان كلّه ، وقال قتادة : المراد الأربعة الأشهر ، وخصّصت تشريفا لها.
قال سعيد بن المسيّب : كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحرّم القتال في الأشهر الحرم ؛ بما أنزل الله في ذلك ؛ حتّى نزلت «براءة».
وقوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) ، معناه : فيهنّ فأحرى في غيرهن ، وقوله : (كَافَّةً) ، معناه : جميعا.
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٣٩)
وقوله سبحانه : (إِنَّمَا النَّسِيءُ) ، يعني : فعل العرب في تأخيرهم الحرمة ، (زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) ، أي : جار مع كفرهم بالله ، وخلافهم للحقّ ، فالكفر متكثّر بهذا الفعل الذي هو باطل في نفسه ؛ وممّا وجد في أشعارهم قول جذل الطّعان : [الوافر]
وقد علمت معدّ أنّ قومي |
|
كرام النّاس إنّ لهم كراما |
ألسنا النّاسئين على معدّ |
|
شهور الحلّ نجعلها حراما (٢) |
وقوله سبحانه : (يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً) ، معناه : عاما من الأعوام ، وليس يريد أنّ تلك كانت مداولة.
وقوله سبحانه : (لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) ، معناه : ليوافقوا ، والمواطأة : الموافقة.
وقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٣١)
(٢) الشعر لعمير بن قيس ، ينظر : «أما لي القالي» (١ / ٤) ، «التهذيب» ، و «اللسان» (نسا) ، و «الدر المصون» (٣ / ٤٦٣)