العينيّة مسلّم بناء على تفسير الوجود العيني بالخارجى الذي يكون منشأ للآثار ولكنّ الكلام في نفى الوجود الإمكانى ، على أنّه يمكن المناقشة في ذلك أيضا ، فإنّ الوجود العيني في كلّ عالم من العوالم إنّما هو بحسبه ، وكذلك يختلف الآثار باختلاف العوالم الّتي هي ظرف للتأثير وترتّب الأحكام ، فانتفاء بعض الآثار في بعض العوالم لا يدلّ على انتفاء المنشئيّة مطلقا ، سيّما مع تبدّل الآثار.
وثانيا أنّ المراد بالوجود العلمى الّذى أضافها الى الماهيّات والقابليات إن كان هو العلم الذاتي فلا ذكر للأشياء فيه أصلا ، أو العلم الفعلي عند من يقول بثبوته فهو بجميع متعلقاته عندهم حادث سرمدي أو دهري أو زماني بحسب اختلاف المتعلّق من حيث القرب والبعد.
وكأنّ القول بالصور العلميّة مبني على مذهب أفلاطون في إثبات الصور المفارقة والمثل العقلية الّتي يقال لها ربّ النوع على ما أشرنا اليه آنفا ، أو على مذهب المعتزلة القائلين بثبوت المعدومات الممكنة قبل وجودها ، بناء على أنّ علم الباري عندهم بثبوت صور هذه الممكنات في الأزل ، أو على مذهب الصوفية ، بل لعلّه المتعيّن ، لأنهم القائلون بالصور العلميّة في مقابل المعتزلة القائلين بالصور العينيّة ، لكنّ المذاهب الثلاثة مع فساد بعضها مطلقا ، وكلّها على بعض الوجوه ، مشتركة في عدم افادة مطلوبه بأنّ هذه الصور إن كانت قديمة غير مسبوقة بالجعل والحدوث لزم تعدّد القدماء ، وإن كانت حادثة في الإمكان وان لم يدخل في صقع الأكوان لزم الجعل والحدوث وإفاضة القابليّة وحدوث العلم على زعمهم.
نعم ذكرت الصوفيّة أنّ أسمائه الّتي هي عين ذاته هي المتجلّية بصور العالم فالعالم مظهر ذاته وأسمائه وصفاته ، وعلمه بها نفس علمه بالعالم.
ولذا أجابوا عمّا ربّما يورد من أنّه كيف يكون ذاته تعالى وعلمه الذي هو عين ذاته محلّا للأمور المتكثّرة مع عدم انثلام الوحدة الحقّة الحقيقيّة الّتي لا أبسط