اللام) لا يطيع إلّا باللّطف ، فلو كلّفه من دونه كان ناقضا لغرضه ، ونقض الغرض عليه سبحانه محال.
وتوهّم أنّ أفعاله تعالى غير معلّلة بالأغراض كما زعمته الأشاعرة نظرا إلى أنّ الغرض هو السبب الباعث للفاعل على الفعل فهو المحرّك الأوّل للفاعل ، وبه يصير الفاعل فاعلا لذلك الفعل ، ولذلك قيل : إنّ العلّة الغائية علّة فاعلة لفاعليّة الفاعل ومن البيّن أنّه سبحانه أجلّ أن ينفعل من شيء أو يستكمل بشيء فلا يكون معلّلا بغرض ، وأيضا كلّ من يفعل لغرض فوجود ذلك الغرض بالنسبة إليه أولى من عدمه ، فلو كان لفعله تعالى غرض لزم كونه سبحانه مستكملا بغيره وهو ذلك الغرض.
مدفوع بأنّه إنّما يلزم الاستكمال إذا كان الغرض عائدا إلى الفاعل : وأمّا عوده إلى غيره فلا يلزم ذلك.
فان قلت : إنّ نفع غيره إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه عاد المحذور ، وإلّا لم يصلح أن يكون غرضا له ، فالفاعل الّذى يفعل فعلا لغرض غيره لا بدّ ان يكون له في تحصيل ذلك الفوض غرض عائد.
قلت : نختار الأوّل ونقول : إنّ إيصال النفع الى غيره أولى من عدمه لا بالنسبة الى ذاته حتّى يكون في ذاته مستكملا بغيره ، بل بالنسبة الى فعله الّذى هو في رتبة الإمكان وصقع الحدوث ، فإنّ فعل الكامل يلزم أن يكون على أكمل الوجوه وأتمّها ، والضرورة قضت بقبح العبث في أفعال الحكيم.
وبالجملة فالفرق واضح بين الغرض المستلزم للاستكمال أو لإظهار الكمال ، وبين الغاية اللازمة في أفعال الكامل ، والأوّل نقص والثاني كمال ، لأنّ كمال الفعل إنّما هو باعتبار اشتماله على الحكم والمصالح والأغراض النافعة.
وأيضا الفعل إذا لوحظ في ذاته مرّة مشتملا على جهات الحسن ووجوه