الاستفاضي. وجهة متعددة بتعدّد الموجودات ، وله المقام الإدباري الإفاضي ، فإن لكل موجود من الموجودات وجها من المشية يعبّر عنه بالمشية الجزئية ، وهي ذاته وحقيقته وكنهه الذي يبقى بعد كشف جميع الصفات والسبحات والاعتبارات وهي كنه الذات ، وسر الارتباط كما لوحّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه الإشارة بقوله في العقل :
«إنه ملك وله رؤوس بعدد الخلائق أجمعين من خلق ومن يخلق إلى يوم القيامة ، ولكل رأس وجه ، ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل ...» الخبر (١).
فالعارف إذا قرع باب المعرفة ، وأراد الصعود إلى سرادق القدس ، وحريم حرم الأنس فليس له سبيل وطريق إلى الصعود إلّا من الطريق الذي نزل منه وذلك بكشف سبحات الجلال ، والتجرد والانخلاع عن غواشي جهات الأوصاف والأحوال ، بشرط اضمحلال الإنانيّة ، وهو المراد بسلب الإشارة في قوله :
«كشف سبحات الجلال من غير إشارة».
وإليه أشار القائل بقوله :
بيني وبينك (إنّي) ينازعني |
|
فارفع بلطفك (إنّي) من البين |
فإذا ارتفعت الإنيّة واضمحلت الهويّة ، ولم تبق سوى المشية الجزئية المتصلة بالكلية ، بل المنتهية إليها ، بل المتبدلّة بها لا بحقيقة التبدّل ، بل بمعنى أنه لم يبق سواها ، لأن الجزئي إذا ألقى جلبات المشخصات وتجرّد عن التقيد بالخصوصيات فهو الكلي بعينه لا من حيث إنّه كلي ، بل من حيث هو هو ، فتجلّى الحق سبحانه له به فيه ، كما قال مولانا على بن موسى الرضا عليهما آلاف التحيّة والثناء.
«بها تجلى صانعها للعقول» (٢).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١ / ٩٩ ، ح ١٤.
(٢) البحار ج ٤ ص ٢٣٠ من التوحيد ، والعيون.