ويضعف الأوّل بأنّ
الاستعانة غير منحصرة في الآلات التي لا يصلح استناد الفعل إليها لضعفها ، وإنّما
الوسائط بين الفاعل وفعله بالاستعانة بمعنى طلب العون والقوة ، ولذا يكون كثيرا
بالقوي السديد ، والإيواء إلى ركن شديد.
وفي كلام أمير
المؤمنين روحي له الفداء في وصيته لابنه الحسن عليهالسلام : «واستعن بالذي خلقك ورزقك» .
ولعل ما ذكرناه هو
المراد بما قيل من أنّ للآلة جهتين : جهة تبعية وابتذال وجهة توقف واحتياج ، وهذه
الثانية هي الملحوظة في المقام.
والثاني بأنّ
مجرّد كثرة الاستعمال على فرضها إنما يصلح مرجحا لأحد المعنيين على فرض تساوي نسبة
اللفظ إليهما وعدم رجحان أحدهما في نفسه ، ولعل للمانع دعوى رجحان الاستعانة في
المقام بالنظر إلى المعنى ، بل دعوى الغلبة النوعية المقدمة على الغلبة الجنسية.
والثالث : بما مر
في الأول.
والرابع : بأن
الاستمداد والاستعانة أقرب إلى التبرك به لاشتماله مضافا اليه على ما هو كالحجة
والبرهان على أنه ينبغي التبرك به لا بغيره ، وستعرف أنه لا مانع من إرادتهما معا
في المقام ، مع أنّ كون المراد خصوص ردّ المشركين ممنوع.
والخامس : بالمنع
من عدم دلالة باء الاستعانة على ملابسة جميع أجزاء الفعل لما هو ظاهر من أنّ
الاستعانة في الكل استعانة في الأجزاء.
مع أنه يمكن أن
يقال : إنّ كون الباء للمصاحبة أقرب إلى توهم الشرك ومقابلة فعل العبد لفعل الله
تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وباء الاستعانة أدلّ على
__________________