يحيط. ومنه قالت العرب : من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا. والجب : هو الحفرة أو البئر العميقة. والبئر : لفظة مؤنثة على الأغلب. وقيل : من أنثه جعله اسم البقعة ومن ذكره جعله اسم ماء أو اسم رجل قال الشعبي : في قولهم : يوم بدر .. بدر : هو بئر لرجل كان يدعى بدرا.
** (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. المعنى : لن تفيدكم قراباتكم ولا أولادكم .. وأصل «الرحم» هو بيت الولد «الجنين» في بطن أمه فاستعير للقربة .. ويفصل بمعنى : يفصل الله بينكم وبينهم فيدخل المؤمنين الجنة والكفرة النار.
** (كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة .. وفيه ذكر الفعل «بدا» مع فاعله المؤنث «العداوة» لأنه فصل عن الفاعل بفاصل ولأن «العداوة» مؤنث غير حقيقي ونون آخر «أبدا» لانقطاعه عن الإضافة لأن الأصل : أبد الدهر. أبد الآبدين.
** (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة وفيه أيضا ذكر الفعل «كان» مع اسمه المؤنث «أسوة» لأن «الأسوة» أي القدوة مؤنث غير حقيقي ولأنه مفصول عنه بفاصل أيضا ولأنه بمعنى التأسي .. وفيهم : بمعنى : في إبراهيم والذين معه من الأنبياء أو المؤمنين. ويرجو الله بمعنى : يطمع في ثوابه سبحانه وأجره أو يرجو لقاء الله ويطمع في فضل اليوم الآخر ـ أي الآخرة ـ عند الحساب.
** (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) : المعنى : ولا ينهاكم الله عن مبرة أو الإحسان إلى هؤلاء الذين لم يقاتلوكم بسبب الدين ولم يخرجوكم من دياركم .. يقال : أقسط الرجل فهو مقسط ـ اسم فاعل بمعنى : عدل فهو عادل أي ولا ينهاكم عن معاملتهم بالعدل والإحسان إليهم. أما الفعل الثلاثي «قسط» نحو : قسط عن الحق .. وهو من باب جلس جلوسا وقسط قسوطا فمعناه جار .. والقسوط هو الجور والعدول عن الحق .. والقسط ـ بكسر القاف ـ هو العدل .. الحصة .. النصيب. ويقال : بر في يمينه : أي صدق. والبر ـ بكسر الباء ـ هو المبالغة في الإحسان نحو ـ بره ـ يبره ـ برا ـ أي أحسن إليه وبالغ .. وقيل في الأمثال : فلان لا يعرف الهر من البر ـ بكسر الهاء وكسر الباء ـ قال ابن الأعرابي : الهر : دعاء الغنم والبر : سوقها وروي المثل لا يعرف هرا من بر .. أي لا يعرف من يكرهه ممن يبره. والآية الكريمة المذكورة آنفا هي الآية الثامنة.
** (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة التاسعة .. المعنى وينهاكم الله عن اتخاذهم أنصارا وحلفاء .. وجاء الفعل «يتولى» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وبصيغة الجمع في قوله «فأولئك هم الظالمون» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى.
** (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة العاشرة المعنى : ذلكم المذكور في الآية الكريمة أو إرجاع المهور من الجانبين هو حكم الله مع المشركين فحذفت الصفة أو البدل «المذكور» أي المشار إليه لأن ما قبله دال عليه .. أي يحكم الله بينكم بالعدل.
** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء من المؤمنات فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.