(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة من سورة «الحديد» بمعنى مطلع على أعمالكم.
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الأولى .. المعنى : يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا تتخذوا أعدائي وأعداءكم نصراء .. لأن كلمة «عدو» يستوي فيها المفرد والجمع وهي مفعول .. من «عدا» قال ابن السكيت : «فعول» إذا كان بمعنى «فاعل» كان مؤنثه بغير هاء نحو : رجل صبور وامرأة صبور إلا حرفا واحدا جاء نادرا قالوا : هذه عدوة الله. قال الفراء : وإنما أدخلوا الهاء تشبيها بصديقة لأن الشيء قد يبنى على ضده. وقال الفيومي : العدو : يقع على المفرد المذكر والمؤنث والجمع بلفظ واحد. وقيل : العدو : جاء على وزن المصدر فأوقع على الجمع إيقاعه على المفرد .. لأن فعله «عدا» يعدو ـ من باب «سما» وعداء وعدوا أيضا والمراد به في الآية الكافر أو المشرك.
** (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : المعنى : تفضون إليهم بالمودة المتبادلة بينكم لأن المسلمين كانوا بالمدينة والكفار المذكورين كانوا بمكة .. أي تلقون إليهم أخبار الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأسرار صحبه المؤمنين بسبب المودة التي بينكم وبينهم أو تكون الباء زائدة للتأكيد تعدى الفعل بها إلى المفعول «المودة» مثل قوله تعالى في سورة «البقرة» : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى مشركي قريش يخبرهم مسير النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إليهم في غزوة الفتح سنة ثمان هجرية.
** (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) : المعنى : تخفون المودة إليهم .. من أسر الشيء : بمعنى : أخفاه .. أو تبلغونهم بالأخبار سرا بسبب المودة .. والفعل الثلاثي «سر» نحو : سره الشيء ـ يسره ـ سرورا ومسرة : بمعنى : أعجبه وأفرحه وسر ـ ببنائه للمجهول بمعنى : فرح فهو مسرور ـ اسم مفعول .. وأسر الخبر : أي أخفاه والسر : هو ما يكتم وهو ضد الإعلان. وفي الآية الكريمة يجوز أن تكون الباء زائدة للتأكيد. قال الصغاني : أسررت المودة وبالمودة ودخول الباء حملا على نقيضه .. والشيء يحمل على النقيض كما يحمل على النظير ومنه قوله تعالى في سورة «الإسراء» : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) أي ولا ترفع صوتك ولا تخفضه ويقال : أسررت الشيء : بمعنى : أظهرته أي عكس أخفيته لأن الفعل من الأضداد والسرور : خلاف الحزن .. أما «السرر» بكسر السين وفتح الراء فهي واحد أسرار الكف والجبهة وهي خطوطهما وجمع الجمع : أسارير. وفي الحديث : «تبرق أسارير وجهه».
** (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. ويثقفوكم : بمعنى يصادفوكم .. يظفروا بكم .. يقال : ثقفه ـ يثقفه ـ ثقفا .. من باب «فهم» بمعنى : صادفه .. وثقف الرجل .. من باب «ظرف» بمعنى : صار حاذقا أي ماهرا والفعل ـ جملة ـ ودوا : بمعنى : ويحبوا .. جاء اللفظ بالماضي وهو معطوف على مضارع لأنه يجري في باب الشرط مجرى المضارع .. وقوله «وألسنتهم بالسوء» معناه : ويبسطوا ألسنتهم بالطعن عليكم أي بالسب والشتم .. والسوء أيضا بمعنى : الشر أو من معاني «الشر» هو السوء .. أما «السيئ» فهو القبيح .. يقال : فلان سيئ الظن : بمعنى لا يظن خيرا في الناس قال تعالى في سورة «فاطر» : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) بمعنى : ولا