يتحدث مع القوم فينم عليهم فيكشف ما يكره كشفه. وتناول الشعراء النمام في قصائدهم قال الشاعر «صاحب بثينة» :
ولا زادني الواشون إلا صبابة |
|
ولا كثرة الناهين إلا تماديا |
وقال مجنون ليلى :
ولو كان واش باليمامة داره |
|
وداري بأعلى حضر موت اهتدى ليا |
و «حضر موت» اسمان مركبان جعلا اسما واحدا يجوز فيه بناء الاسم الأول «حضر» على الفتح وإعراب الثاني بالإضافة أو إعراب ما لا ينصرف نحو : حضر موت : اسم بلد واسم قبيلة .. أما في حالة الإضافة فإن الأول يعرب نحو : حضر موت : اسم بلد واسم قبيلة فالأول «حضر» أعرب فجاء مرفوعا لأنه مبتدأ وجر الثاني على الإضافة.
** (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : سنجعل له علامة على الأنف وعبر بذلك عن الإذلال والإهانة أي هو كناية عن الإذلال والإهانة أي سنجعل له علامة مميزة .. والمراد به هو كل حلاف مهين وواش بالنميمة والصفات الأخرى المذكورة في الآيات قبلها .. وقيل : المقصود بذلك هو الوليد بن المغيرة. وقيل : المعنى : سنشهره بهذه الشتيمة في الدارين جميعا فلا تخفى كما لا تخفى السمة ـ العلامة ـ على الخرطوم وعبر سبحانه بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة لأن السمة على الوجه شين فكيف بها على أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ولذلك جعلوه العز والحمية أي جعلوا مكان الأنف يدل على ذلك أو جعلوا الأنف مكان العز والأنفة والكبرياء ولهذا اشتقوا منه «الأنفة» وقالوا : الأنف في الأنف .. وحمى أنفه وفلان شامخ العرنين ـ وهو تحت مجتمع الحاجبين وهو أول الأنف حيث يكون فيه الشمم ـ وقالوا في الذليل : جدع أنفه .. ورغم أنفه .. وقيل : وسم العباس أباعرة ـ جمع بعير ـ في وجوهها فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أكرموا الوجوه. فغير مكان وسمها. وفي لفظ «الخرطوم» استخفاف به واستهانة. وقيل : معناه : سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوّهة يبين بها عن سائر الكفرة سئل رجل : من سبك؟ قال : من بلغني أي الذي بلغه ما يكره هو الذي قال له لأنه لو سكت لم يعلم. ومن شتائم العرب قولهم : لا در دره : أي لا كثر خيره ولا زكا عمله .. مأخوذ من در اللبن وغيره ـ يدر ـ درا : بمعنى : كثر وفي دعاء الخير قالوا : لله دره : أي لله ما خرج منه من خير وفي دعاء الشر قالوا : لا در دره : بمعنى : لا كثر خيره ويقال لمن أتى بالمستحسن : أخزاه الله ما أشعره! كما يقولون : قاتله الله ما أشجعه! وهو دعاء بدل المدح غير منظور إلى المعنى. وقالت العرب : سبك من بلغك .. وهو مثل قولهم : الراوية أحد الشاتمين.
** (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة. وقوله تعالى : (وَلا يَسْتَثْنُونَ) هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : إنا اختبرناهم أو امتحنا أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة الرسول عليهم كما اختبرنا وامتحنا أصحاب الجنة «أي البستان» حين أقسموا أي حلفوا ليقطعن ثمرات النخل وهم داخلون في الإصباح كيلا يشعر بهم المساكين حتى لا يعطوهم شيئا منها كما كان يفعل أبوهم وكان هذا البستان قرب صنعاء وكان لرجل ينادي الفقراء وقت الصرام ـ أي وقت قطع البلح ويترك لهم ما أخطأه المنجل أو ألقته الريح فيجتمع لهم شيء كثير فلما