وقد ثبت أنه قال بعد أن توضأ وغسل رجليه : «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» (١).
وقد ثبت في «صحيح مسلم» (٢) وغيره أن رجلا توضأ فترك على قدمه مثل موضع الظفر فقال له : «ارجع فأحسن وضوءك».
وأما المسح على الخفين فهو ثابت بالأحاديث المتواترة (٣).
وقوله : (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) : معناه معهما ، كما بينت السنة ، والكلام فيه كالكلام في قوله : (إِلَى الْمَرافِقِ) ، وقد قيل في وجه جمع المرافق وتثنية الكعاب إنه لما كان في كل رجل كعبان ولم يكن في كل يد إلّا مرفق واحد لم يتوهم وجود غيره ـ ذكر معنى هذا ابن عطية.
وقال الكواشي (٤) : ثنى الكعبين وجمع المرافق ، لنفي توهم أن في كل واحد من الرجلين كعبين ، وإنما في كل واحدة كعب واحد ، له طرفان من جانبي الرجل ، بخلاف المرافق فهي أبعد عن الوهم. انتهى.
فهذه الفروض الأربعة في الوضوء ، وبقي من فرائضه النية والتسمية ، ولم يذكرا في هذه الآية ، بل وردت بهما السنة (٥).
وقيل : إن في هذه الآية ما يدل على النية لأنه لما قال : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) كان تقدير الكلام فاغسلوا وجوهكم لها ، وذلك هو النية المعتبرة ، لا ما تعارف اليوم بين الناس ، من التلفظ بعبارات مبتدعة! فقد صرح غير واحد بإنكار ذلك ، وعدم وروده عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل ولا عن أحد من الصحابة وتابعيهم ومن بعدهم
__________________
(١) إسناده ضعيف : رواه ابن ماجة (٤١٩) ، والدارقطني كما في «التلخيص» (١ / ٨٢ ، ٨٣).
(٢) حديث صحيح : رواه مسلم (٣ / ١٣١ ، ١٣٢) ، عن جابر مرفوعا.
(٣) انظر : صحيح البخاري (١ / ٣٠٥) ، ومسلم (٣ / ١٧٣).
(٤) في تفسيره وهو مخطوط بدار الكتب المصرية ، ومعهد المخطوط العربية بالقاهرة ، وهو تفسير جيد عظيم الفوائد البيانية ، وكذا مختصره للمنصف أيضا.
(٥) أولا النية : ما رواه البخاري (١ / ٩ ، ١٣٥) ، ومسلم (١٩٠٧) عن عمر مرفوعا.
ثانيا التسمية : رواه أحمد (٢ / ٤١٨) ، وأبو داود (١٠١) ، وابن ماجة (٣٩٩) عن أبي هريرة مرفوعا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه».
وانظر : فتح القدير (٢ / ١٧ ، ١٨).