تفسير سورة البقرة
وهي مائتان وست وثمانون آية
قال القرطبي : «مدنية نزلت في مدد شتى ، وقيل : هي أول سورة نزلت بالمدينة. إلّا قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) فإنها آخر آية نزلت من السماء ونزلت يوم النّحر في حجة الوداع بمنى ، وآيات الربا أيضا من أواخر ما نزل من القرآن» ، انتهى (١).
وقد وردت في فضلها أحاديث (٢).
[الآية الأولى]
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)).
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ) قال ابن كيسان : أي من أجلكم (٣).
وفيه دليل على أن الأصل في الأشياء المخلوقة الإباحة حتى يقوم دليل على النقل عن هذا الأصل ، ولا فرق بين الحيوانات وغيرها مما ينتفع به من غير ضرر ، وفي تأكيد ما في الأرض بقوله : (جَمِيعاً) أقوى دلالة على هذا.
وقد استدل بهذه الآية على تحريم أكل الطين ؛ لأنه تعالى خلق لنا ما في الأرض دون نفس الأرض.
__________________
(١) تفسير القرطبي [١ / ١٥٢].
(٢) رواه البخاري في الصحيح ح [٥٠٠٩] ، رواه أحمد [٤ / ٢٧٤] والترمذي ح [٢٨٨٢] وابن حبان ح [٧٨٣] وصححه الحاكم [١ / ٥٦٢ ، ٢ / ٢٦٠].
(٣) انظر التفسير للقرطبي [١ / ٢٥١] والشوكاني في «فتح القدير» [١ / ٦٠].