من الأئمة المعتبرين رضوان الله عليهم أجمعين (١).
(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) : المراد بالجنابة هي الحاصلة بدخول حشفة ، أو نزول مني الاحتلام ، ونحو ذلك.
(فَاطَّهَّرُوا) : أي فاغتسلوا بالماء.
وقد ذهب عمر بن الخطاب وابن مسعود إلى أن الجنب لا يتيمم البتة ، بل يدع الصلاة حتى يجد الماء ، استدلالا بهذه الآية.
وذهب الجمهور إلى وجوب التيمم للجنابة مع عدم الماء. وهذه الآية هي للواجد ، على أن التطهر هم أعمل من الحاصل بالماء ، أو بما هو عوض عنه مع عدمه وهو التراب.
[وقد] (٢) صح عن عمر وابن مسعود الرجوع إلى ما قاله الجمهور ، للأحاديث الصحيحة الواردة في تيمم الجنب مع عدم الماء (٣).
(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) : قد قدم تفسير المرض والسفر والمجيء من الغائط في سورة النساء مستوفى ، وكذلك تقدم الكلام على ملامسة النساء ، وعلى التيمم وعلى الصعيد.
ومن قوله (مِنْكُمْ) لابتداء الغاية ، وقيل : للتبعيض.
قيل : وجه تكرير هذا هو استيفاء الكلام في أنواع الطهارة.
(ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) : أي ما يريد بأمركم بالطهارة بالماء ، أو بالتراب التضييق عليكم في الدّين ، ومنه قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
__________________
(١) وانظر في بدعيّة الجهر بالنية : زاد المعاد (١ / ٢١ ، ٥٧) ، والإنصاف للمرداوي (١ / ٤٢١) وفتح القدير (١ / ١٨٦) ، والأمر بالاتباع للسيوطي (٢٩٥).
(٢) حرّف في «المطبوعة» إلى (وقال) وهو خطأ واضح والتصويب من فتح القدير (٢ / ١٨).
(٣) منها : ما رواه البخاري (١ / ٤٤٧ ، ٤٤٨) ، ومسلم (٥ / ١٨٩ ، ١٩٢) عن عمران بن حصين مرفوعا.
وانظر : القرطبي (٤ / ٢١٠٠ ، ٢١٠١) ، ط. دار الشعب ـ ومفاتيح الغيب (٥ / ٥٩٨ ، ٥٩٩) ط. دار الغد العربي.
وانظر ما تقدم من تفسير سورة النساء عند الآية (٤٣).