قال : عادتهم يجيبون : بأن عدم مساواة الأعمى والبصير ظاهرة لا تخفى على أحد ، وعدم مساواة المسيء للصالح خفية لا يدركها إلا من اطلع على حالهما معا ، فلذلك كرره.
قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
قال : عادتهم يقولون : القرآن كله بقول الله تعالى فتخصيصه بنسبته إليه لا بد له من فائدة ، وهي الاعتناء بهذا ، وأنه سالك لا يسوغ تركه ، وقوله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، ولفظ الأمر فيه زيادة الإشعار بتأكد الطلب.
قال ابن عطية : ومعناه إن شئت ذلك.
قال ابن عرفة : لا حاجة إلى تقييده بالمشيئة ، لأن هذه الشرطية مطلقة كما تقدم لنا في الجواب عن الإشكال الوارد في قوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) [سورة الأنفال : ٢٣] ، قال : وبيان ذلك أن القائل لزوجته : إن دخلت النملة الدار فأنت طالق ، فلا تطلق بالأحوال إلا مرة واحدة ، ولا يتكرر عليه الطلاق بدخولها مرارا ، فالمطلق يصدق وقد وجدنا بعض الداعيين يستجاب ، فتصدق الشرطية بذلك ، أو يجاب : بأن كل داع يستجاب له ، ومن لا يستجاب له لم يكن أخلص النية ، أو استجيب له بإدخال الثواب باستجابة الدعاء وحفظه الليل والنهار ونقصه ، والخبر هو المبتدأ لكن أفاد بما ذكر معه من الأوصاف ، وقدم هنا صفة الخلق على كلمة التوحيد ، وعكس في الأنعام لتقدم ذكر المخلوقات هنا.
قوله تعالى : (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
استغراب وتعجب من صرفهم على الإيمان به ، ثم قال : كذلك تؤفك على وجه التسلية [٦٦ / ٣٢٢] للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وتؤفك حكاية حال ماضية ، أي كذلك فعل الذين من قبلهم.
قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بِناءً).
ابن عرفة : انظر هل يؤخذ أنها كروية ، وأنها كالقبة ، فهي مثل دائرة ، لكن يقال : لو كانت نصف دائرة لانكشف عنه دورانها.
قوله تعالى : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ).
قالوا : الإنسان هو أحسن الحيوانات خلقا ، كما قال الله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) [سورة الإسراء : ٧٠].