قيل لابن عرفة : وكيف تغدو من الغد بيضاء؟ فقال : لعل تلك الأرواح تنتقل من الغد إلى حواصل طيور أخرى بيض ، أو لعل تلك الطيور نبت لها من الغد ريش أبيض ؛ لأن ذلك خرق.
قوله تعالى : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ).
قال ابن عرفة : عادتهم يقولون : المحاجة مفاعلة واقعة من الجانبين ؛ وهي هنا واقعة من الضعفاء فقط ، وأما المستكبرون فإنهم قالوا : أنأكل فيها ، وهذا ليس باحتجاج ولا جواب مع أن قول الضعفاء أتى كالتفسير للمحاجة ، قال : وتقدم الجواب بأن الجملة المفسرة إنما تأتي غير معطوفة ، والعطف يقتضي المغايرة إلا في قليل ، كقوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) [سورة التوبة : ٦١] فهذا ما خرج عن ذلك ؛ فلم يفسر والآية مخاطبتهم ، بل ذكر ما يقولون بعد تمامها.
قيل لابن عرفة : أو يكون قول المستكبرين : إن الله قد حكم بين العباد هو الجواب : أي حكم بمساواتكم لنا في العذاب ، فلا طاقة لنا على تحقيقه عنكم.
قوله تعالى : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).
يؤخذ منه منع أهل الذمة من الخروج مع المسلمين للاستسقاء في دار الدنيا ، وقد قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، لمعاذ لما بعثه إلى اليمن وأهل كفار : " واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب (١) ".
قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
ابن عطية : هذا إما عام مخصوص ؛ لأن في الأنبياء من قتله قومه ولم ينصر عليهم كيحيى ، وإما لأن المضرة واقعة بين وفاة من قتل منهم بالانتقام له في قومه في الدنيا.
ابن عرفة : فإن قيل : أن يحيى عليهالسلام ليس برسول فالمقام باق على عمومه ، [٦٦ / ٣٢٢] قلنا : هو داخل في عموم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا).
قوله تعالى : (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ).
__________________
(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه حديث رقم : ٢١٩٥ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٧٤ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٥٦٧ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ١٣٥٥ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ٢٢٨٧ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ١٧٧٣ ، والبيهقي في معرفة السنن والآثار حديث رقم : ٢٠٤٩ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ١٩٩٥ ، والنسائي في سننه حديث رقم : ٢٤٨٦.