قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ).
بدأ بالاستفهام ، إما لأن له صدر الكلام أو لما ذكر قبل ، وقال (يا بَنِي آدَمَ) ، ولم يقل : يأيها الناس ، إما إشارة إلى يوم السبت بربكم ، أو لدخولهم في دعوة آدم عليهالسلام إلى الإيمان.
وقال ابن عطية والفخر : العهد إما يوم السبت أو على ألسنة الرسل.
قال الزمخشري : ما ذكر فيهم من أدلة العقل يناسبهم على وجوب النظر عقلا.
قوله تعالى : (أَنْ لا تَعْبُدُوا).
إما حقيقة ، لأن الشيطان في الأصنام ، أو بمجاز باعتبار قبول وسوسته ، وقدم النهي على الأمر ، لأن اجتناب المنهي عنه [٦٤ / ٣١١] كل من فعل المأمور به.
قوله تعالى : (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ).
نسب الكلام إلى الأيدي والشهادة إلى الأرجل ، وفي سورة النور (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) [سورة النور : ٢٤] ، وفي فصلت (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ) [سورة فصلت : ٢٠] ، انظر الفخر ، وأضاف الكلام إليه دون الشهادة مع أنها أشرف ، فلم يقل : وشهد لنا ، أو عندنا ، وتقدم كلام الأيدي على شهادة الأرجل ، وجواب الأول : أنه لو قال : لنا ؛ لتوهم النفع بالشهادة ، ولو قال : عندنا ؛ لطال الكلام دون فائدة ، وجواب الثاني : أن الأيدي أشرف من الأرجل ، ويحتمل أن يكون في الآية حذف التقابل ؛ أي : تكلمنا أيديهم وتشهده ، وتكلمنا أرجلهم وتشهد.
قوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا).
فيه سؤال ، وهو أن الجملة الجملية إذا أريد أن يرتب عليها مستبعد الوقوع ، فإنما يؤتى فيه بمسببها لا بنقيض سببها ، فتقول : زيد فقير ، فكيف يتصرف ، وزيد عاجز فكيف يجاهد ، ولا تقول : زيد فقير فكيف يستغني ، ولا زيد عاجز فكيف يقدر وزاد هذا في الآية إن كان يقال : فأنى تبصرون ، وما هو إلا كالتكرار؟ والجواب : أن الطمس على الأعين سبب في عدم الإبصار ، وعدم الإبصار سبب في عدم الاهتداء ، فقوله تعالى : (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) ، سبب عن ما ترتب هو عليه ، وهو الطمس ، وهو منطو على سبب في ضمنه ، وهو الاهتداء ؛ لكن تبقى السؤال لم عدل عن ترتيب المسبب الثاني ، وهو الاهتداء على الطمس إلى المسبب الأول؟ فيجاب عنه : بأنه لو قيل : فأنى يهتدون ؛ لتوهم أن لهم أبصارا ضعفا لم توصلهم إلى الاهتداء ؛ فأفاد هذا