عود الضمير على الثمر ، فيقال : ليأكلوا من فم الثمر ، وأول الآية وعظ وتخويف لعموم الناس عوامهم وخواصهم ، وهذه تذكير ونظر واستدلال لخواصهم ، وأنشد أبو حيان هنا بيتا ، وإنما ذكره سيبويه في باب الضرائر.
قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي).
اعتراض ؛ لأنه تقدم عنها آية بذكر قدرة الله تعالى ، وتأخرت عنها آية أخرى ، فأتت هذه أنباء بأن فاعل ذلك مستحق للتنزيه.
وقال الفخر : وجه المناسبة أنه تقدمها (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ) ، فحقهم الشكر على هذه النعم ، فتركوه وزادوا في الضلال ، بأن عبدوا غير الله تعالى ، فأتى هذا على معنى التنزيه لله تعالى عما فعلوه ، وليس في الآية تعرض لعبادتهم غير الله ، بل وعزا فيها على عدم الشكر ، ومن يشكر على قسمين : تارة يعبد الله عزوجل ، وتارة يعبد غيره.
قال الفخر : واستدل بها من يقول : إن أعمال ليست من الأرواح ولا من الأنفس ، والآية اقتضت حصر المخلوقات من هذين ، وأجاب الفخر بالفرق بين قولك : خذ كل المال من العبيد والخدم والعروض فهو عام مفسر بعض أفراد ، وذكرها يكفي عن ذكر الباقي ، انتهى ، إنما ذلك فيما علم دخوله أو خروجه باتفاق ، وأما المختلف فيه والمشكوك فيه ، فلابد فيه من التنصيص على دخوله أو خروجه والأعمال مختلف فيها ، فلو أريد دخولها لنص عليها ومن في مما تثبت ، إما للتبعيض أو لبيان الجنس.
قوله تعالى : (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
ليست قضية حقيقية ؛ لأنه تقدم ذكر النفوس وأزواجها ، هي مجهولة لا تعلم حقيقتها ، ولا قضية خارجية ؛ لأن بعض المتقدم ذكره موجود في الخارج ، ونحن نتصوره ولا نعلمه إذ لم يره ، فلم يبق إلا أن تكون بين الحقيقة وهي أخص الوصف ، والخارجية الذهنية ، وهي أعم الوصف فيكون بينهما ، فالمراد به ما هو معلوم الوجود ، ولم تره كما نعلم وجود أشياء في الجنة ، ولم نرها ، بل رأينا نظير تلك الأشياء في الدنيا لكن لا يتم هذا على قاعدة الزمخشري ؛ لأنه يقول : إن الجنة غير مخلوقة الآن.
قوله تعالى : (نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ).
قيل : (النَّهارَ) زمان مستقبل بنفسه ، وكذا (اللَّيْلُ) ، فليس انسلاخ أحدهما من الآخر أولى من عكسه ، أجيب : بأن مذهب أهل السنة أن الضوء ليس من طبيعة الشمس ولا من لوازمها ذهنا ، وإما هو أمر عادي خلقها الله تعالى عندها لا بها هذا