إن كان المقصود ظهور تعلق الإرادة ، وهو التعلق التحيزي ، فالفعل على بابه من الاستقبال ، وإن كان المراد التعلق الصلاحي ، فهو في معنى الماضي.
قوله تعالى : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
الطهارة عبارة عن التطهير الحسي في البدن أو غيره من نجس أو غيره ، وإطلاقها على التنظف المعنوي من الآثام والذنوب مجازا.
وقال المازري أول الطهارة في شرح التلقين : بل هو حقيقة لتأكيده بالصدق في هذه الآية ، قال : وبه يحتج لأهل السنة في قوله تعالى (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [سورة النساء : ١٦٤] ، يفيد وقوع الكلام منه حقيقة فكذا هذا والله أعلم.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ).
ابن عطية : هذا وعظهن بأحد وجهين :
فإما أن المراد تذكرنه وقدرن قدره وفكرن في أن من هذه حاله ينبغي أن يحسن أفعاله.
وإما أن المراد حفظنه وكررن فكره على ألسنتكن وامتثلن أمر الله.
ابن عرفة : هذا كلام المفسرين وحمله المحدثون وحفاظ الفقهاء ، على أنه أمر لهن بتبليغ ما حفظن من القرآن والسنة للناس ، ومنه أخذوا جواز الشهادة على الصوت ؛ لأنهن محجوبات عن الأعين ، لقوله تعالى : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [سورة الأحزاب : ٥٣] لكن يجاب : بأن القرينة تنزلت منزلة الشهادة على الصوت ؛ لأنهن محجوبات عن الأعين ، لقوله تعالى : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَ) المفيدة للعلم ، وقوله تعالى : (مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) ، الآيات المعجزات من القرآن والسنة (وَالْحِكْمَةِ) آية الأحكام.
قوله تعالى : (فِي بُيُوتِكُنَ).
فائدته توكيد ومبالغة في أمرهن بتبليغه ؛ لأن تلاوته في بيوتهن مظنة لاختصاصهن بسماعه عن غيرهن من الناس ، فينبغي أن يجيب عليهن بتبليغه وجوب فرض العين ، لا وجوب فرض الكفاية.
قيل لابن عرفة : بل هو مأمور بتبليغه للجميع ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [سورة المائدة : ٦٧] ، فقال : لا بل يخرج من العهدة بتبليغه للبعض كما قال : ليبلغ الشاهد الغائب قال ، وقال في قوله تعالى : (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ