ورده ابن عرفة بأن الكلام في التفضيل إنما هو من الفريقين ، قال : وإنما عادتهم يجيبون بوجهين :
الأول : لو قال أينا لكان فيه لين وتأسيس لهم وتلطف في خطابهم لأجل الإقبال عليهم بالخطاب وخلطة مع التعلم في الضمير.
الثاني : أن المضمرات على الصحيح جزئية ، والشخص يرى لا يدخل تحت الجزئي ، ولف الفريق كلي والكل يشتمل على الجزئي وغير فيدخل تحت الحاضر والغاية.
قوله تعالى : (خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
ولم يقل : أحسن مقاما وخير نديا.
قال ابن عرفة : أجاب البيانيون بأن أحسن أخص ولا يوصف بالحسن إلا الحسن.
قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ).
نقل ابن عصفور في شرح مقربه عن الأعمش : أنه يجوز عنده ملكت كم فلان ، ونقل أيضا ابن مالك في شرح كافيته ، ونقل عن بعضهم : أنه يجوز زيد كيف.
وكان بعضهم يقول : إن كتاب سيبويه قياس الأمثلة بكونه يحمل كم الخبرية على كم الاستفهامية تشبيها في اللفظ.
فإن قلت : قوله تعالى : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً) يدل على أن مقام الكافر ليس فيه خير.
قوله تعالى : (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً).
يقتضي مشاركتهم في الخير ، وأنهم متصفون بمطلق الحسن ، قال : والجواب : أن الأول أخروي ؛ لأن الكفار ادعوا أنهم خير من المؤمنين بحسن ثباتهم وكثرة أموالهم ؛ فأنكر ذلك عليهم بأن المؤمنين خير منهم في الآخرة.
قوله تعالى : (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً).
يعني أنهم كانت دنياهم أحسن من دنيا هؤلاء.
قال ابن عطية : الناس يعترفون في زمن طويل أشده مائة سنة ، وقيل : ثمانون ، وقيل : غير ذلك إلى الثلاثين ، قوله في سورة هود وقد تقدم أيضا في الأنعام.