بلطفه جعل المنقضي كالدائم ؛ فيخرج هذا الفعل مخرج الزيادة والثبات ، والله أعلم.
وإن كان على التجدد في الأوقات الحادثة ، فذلك مستقيم ؛ وذلك لأن المرء منهي عن الكفر في كل وقت يأتي عليه إذا أتى بالإيمان في ذلك الوقت انتهى عن الكفر ؛ فصار لإيمانه حكم التجدد ، والله أعلم.
وجائز أن يكون المراد بقوله : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) : الاعتقاد ، وإذا كان المراد منه ذلك ، وأتى بما أمر من الاعتقاد بهذه الأمور ، ولكنه لم يف بالفعل ، فهو في رجاء من النجاة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ).
يعني : ذلك الذي أمركم به من الإيمان بالله تعالى ورسوله والجهاد في سبيله خير لكم من أن تتبعوا أهواءكم.
(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
عيانا بعلمكم أن ذلك خير لكم.
وقوله تعالى : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
يعني : يغفر الله لكم بتلك النجاة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً).
يجوز أن يكون رغبهم في هذه الآية بما أمرهم بتركها ؛ وذلك أنه أمرهم بمفارقة مساكنهم وإنفاق أموالهم والجهاد بأنفسهم ، ثم أخبر أنهم إذا فعلوا ذلك آتاهم مكان كل ما فات عنهم خيرا منها : مكان ما فارقوا من المساكن يؤتيهم مساكن طيبة ، ومكان ما أنفقوا من أموالهم يؤتيهم النعيم الدائم ، ومكان ما أفنوا من حياتهم وأنفسهم يؤتيهم حياة دائمة باقية ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
يعني : ذلك الثواب الدائم هو الفوز العظيم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ).
فكأنه يقول يعطيكم الله بتلك التجارة التي دلكم عليها ما ذكر من الثواب في الآجل ، وأخرى تحبونها نصر من الله على أعدائكم في الدنيا ، وفتح البلاد.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) ، بهما ، وقد فعل الله تعالى ذلك بهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) هذا كلام يورث شبهة في القلب أن كيف قال (كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) والله تعالى لا يخاف [أحدا] حتى يستنصر عليه غيره؟
ولكن السبيل في كشف هذه الغمة عن القلوب هو أن المعنى في هذا وفي قوله :