ما ذكرنا ، ولكن الله تعالى برأه ونزهه من السحر ، والله الموفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
نور الله يعني : دين الله ، أو كتاب الله ، أو رسل الله.
وقوله : (بِأَفْواهِهِمْ) أي : ليست عندهم حجة ولا معنى يدفعون به هذا النور ، سوى أن يقولوا بألسنتهم : هذا سحر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).
أي : ومن أوحش ظلما وأقبح ممن بلغ افتراؤه المبلغ [الذي] يفتري على الله تعالى الكذب ؛ لأنهم قد علموا أن ما نالوا من نعمه وكرمه ، فإنما نالوه بالله ، ثم كفروا به ، وكذبوا على الله وعلى رسوله.
أو يقول : لا أحد أظلم ممن يفتري على الله الكذب ؛ وذلك أن قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ) كلام استفهام ، ومعلوم أن الله تعالى لا يستفهم أحدا ، وإذا كان كذلك ، كان حق كل ما خرج مخرج الاستفهام أن ينظر إلى جوابه لو كان مستفهما ؛ فيفهم منه معنى قول رب العالمين ، وإنما المفهوم من جواب من يسألهم عن مثل هذا أن يقول : لا أحد أظلم ممن افترى على الله الكذب ، والله يدعو إلى الإسلام ، وهو أن يجعل الأشياء كلها سالمة له ، فهو إذ علم أن ما ناله من نعمة فإنما ناله بالله تعالى ، وعلم الأشياء كلها لله تعالى ، فكيف افترى على الله تعالى الكذب ، وهو يعلم فإنه علم هذا؟!
فلا أحد أظلم منه حتى افترى على الله الكذب ، والله الموفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
له أوجه :
أحدها : بالحجج والبراهين.
والثاني : بنصر أهله وغلبته.
والثالث : بإظهاره في الأماكن كلها.
فإن كان على النصر والغلبة ، فقد كان حتى كأن المشركين في خوف والمسلمون في أمن ؛ ألا ترى إلى قوله : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) [الرعد : ٣١] ، وإلى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «نصرت بالرعب مسيرة شهرين» (١).
وإن كان بالحجج فقد كان أيضا ، لأنهم عجزوا عن أن يأتوا بما يشبه أن يكون مثلا له ؛
__________________
(١) أخرجه الطبراني عن ابن عباس قال : نصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرعب على عدوه مسيرة شهرين. كما في مجمع الزوائد للهيثمي (٨ / ٢٦٢). وقال : وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، وهو ضعيف.