فضلا من أن يأتوا بمثله ؛ فدل أنه قد أتم نوره بالنصر والغلبة والبراهين والحجج.
وإن كان المراد منه إظهاره ؛ فإنه يرجى أن يظهر ؛ على ما روي أنه إذا نزل عيسى ـ عليهالسلام ـ لم يبق على وجه الأرض دين إلا الإسلام.
ثم قوله تعالى (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) ليس فيه أنه كان به شيء من الكدر فصفاه ؛ ولكن على ما ذكرناه من التأويل ؛ فكذلك لا يجب أن يفهم من قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] : أنه كان ناقصا فأكلمه بالشرائع ؛ ولكنه على هذه الوجوه ، يعني : أظهر الدين بالشرائع التي وصفناها في قوله : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
وقال حين ذكر الإظهار : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) لأن هؤلاء كفروا بالرسول والكتاب ، وذلك نعم الله تعالى ؛ فقال : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) ، [و] أولئك أشركوا به في التوحيد ؛ فقال : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) ، يعني : بما لو اتبعوه اهتدوا به.
وقوله : (وَدِينِ الْحَقِ) له أوجه ثلاثة :
أحدها : أن يجعل الحق كناية عن الله تعالى فكأنه قال : ودين الله.
والثاني : أن يجعل الحق نعتا للدين ؛ فكأنه قال : والدين الذي هو الحق من بين سائر الأديان.
والثالث : أن يقول : الذي يحق على كل أحد قبوله والانقياد له ، والله أعلم.
وقوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) له وجهان :
أحدهما : أن يقول (لِيُظْهِرَهُ) ، يعني : يظهر رسوله صلىاللهعليهوسلم على غيره بما يحتاج في هذا الدين من النوازل ؛ فيكون
فيه بيان أن ما جاء عنه ـ عليهالسلام ـ في هذه النوازل إنما هو بالوحي وبما أظهره الله تعالى عليه.
ويحتمل : بإظهار هذا الدين في الأماكن.
قال : والدين : هو الخضوع والاستسلام لله تعالى ، فحقيقته أن يجعل الأشياء كلها سالمة له.
وقوله : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) ، قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : ويقتضى هذا : ولو كره المعتزلة ؛ لأن إتمام نوره كان بالحجج ، أو بالنصر والغلبة ، أو بإظهاره في الأماكن كلها فإنما يكون ذلك بأفعال العباد ، ثم أضاف الله تعالى إلى نفسه ؛ فثبت أن لله تعالى في