القتال وزيادة نصرة ، والله أعلم.
ثم قوله : (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) ، قال بعضهم : ضرب هذا المثل للثبات ، يعني : إذا اصطفوا ثبتوا كالبنيان المرصوص الذي يكون ثابتا مستقرّا لا ينتقض بأدنى شيء.
ومنهم من [قال] : ضرب هذا المثل ؛ لأن يكون كلمتهم واحدة ، ويعين بعضهم بعضا.
ويشبه أن يكون للأمرين جميعا ؛ لأنهم إذا ثبتوا أعان بعضهم بعضا ، وكانت كلمتهم واحدة ، وإذا كانت كلمتهم واحدة ، كان ذلك أدعى إلى الثبات وأقرب إليه ؛ فلذلك قلنا : إنه يجوز أن يكون للأمرين جميعا ، والله أعلم.
ثم المحبة تحتمل وجهين :
أحدهما : عن الخلق.
والثاني : الثناء عليهم بما يفعلون.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٩)
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ).
يحتمل وجهين :
أحدهما : تنبيه لهم ، وإعلام عن معاملة اعتادوها فيما بينهم من غير أن يعلموا فيها أذى لموسى ـ عليهالسلام ـ نحو أن قال في حق رسولنا صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الحجرات : ٢] ؛ فيجوز أن يكونوا لا يعدون تلك المعاملة أذى لموسى ـ عليهالسلام ـ ولا يعلمونها ؛ فأخبرهم أنها تؤذيه ؛ لينتهوا عن ذلك.
والثاني : أنه يجوز أن يكونوا علموا أن ذلك يؤذيه ، ولكنهم عاندوه وكابروه ، فيخبرهم عن كيف (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) ، وقد علموا أن حق رسل الملوك التعظيم والتبجيل ؛ فكيف رسول رب العالمين؟! فأخبرهم أنه يؤذونه شكاية منهم إليهم.
ثم اختلفوا في الأذى :