على المؤمنين بأن قذف الرعب في قلوب الكفرة ، ذلك لطف عظيم من الله ـ تعالى ـ إلى المؤمنين ، والله أعلم.
ثم الأصل فيما خرج هذا المخرج من نحو قوله ـ عزوجل ـ : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) [النحل : ٢٦] ، ومن نحو قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢] ، ومن نحو قوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : ٢١٠] ، وما يشاكله أن نحمله على أحد معان ثلاث :
أحدها : أن نقول : المراد إتيان آثار فعل الله ـ تعالى ـ ويجوز أن يضاف إليه سبيل إضافة حقيقة العمل ؛ كما يقال : الصلاة أمر الله ، ونحن نعلم أنها ليست بعين أمر الله ؛ لكنها أثر أمر الله ـ تعالى ـ وكذلك يقال : المطر رحمة الله ـ تعالى ـ يعني : أثر رحمته ؛ فكذلك إذا نزل بهم آثار حكم الله ـ تعالى ـ وتدبيره وفعله : وهو العذاب جاز أن يضاف إليه إضافة حقيقة الفعل ، والله أعلم.
والثاني : أن يقال بأن ما كان من هذه الأفعال موصولا بصلة فإنه يجوز أن يراد منه تلك الصلة ، وإنما نتكلم بإضافة هذا الفعل إليه مجازا ؛ على ما اعتاد الناس من أفعالهم إذا أرادوها أن يأتوها بأنفسهم ، وشرح ذلك وبيانه أنه قال : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٢٦] ، فكان المقصود من هذا تلك الصلة ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ.) وكذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) ، وكذلك ما أشبهه من نحو قوله ـ عزوجل ـ : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢] ، ومن قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) [البقرة : ٢٩] ، أي : استوى تدبيره من حيث وصل منافع الأرض بمنافع السماء ، وكذلك ما أشبه ، هذا ، والله أعلم.
والثالث : نقول بأن هذه أسماء مشتركة المعنى ، وما كان سبيله هذا السبيل جاز أن يضاف إلى الله ـ تعالى ـ على معنى ليس يقع فيه الاشتراك بالمخلوقين ؛ ألا ترى أنه يقال : جاء الليل وذهب النهار ، ونحو ذلك على معنى الظهور ونحوه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ).
هذا يدل على أن الملك للمسلمين في أموال أهل الحرب ليس يقع بمجرد الغلبة ما لم يكن ثم أسر ؛ لأنه أخبر أن المؤمنين كانوا يخربون بيوتهم : أضاف الملك إلى الكفرة ، مع أن الغلبة للمسلمين ؛ فإنكم إذا اعتبرتم علمتم أن الله ـ تعالى ـ من عليكم ؛ حيث أخرج الكفار من ديارهم ؛ فإنه لم يكن ذلك بقوتكم.
ويحتمل أن يكون المعنى فيه : فاعتبروا يا أولي الأبصار من أهل الكفار ؛ فإن ذلك