الله ؛ لأنهم يقولون : إن الله ـ تعالى ـ قد أعطى كلا من النصر والمعونة ما ينتصر على أعدائه وينتقم منهم حتى لا يبقى عنده مزيد ما ينصرهم ويعينهم على شيء ؛ فعلى قولهم لا يقع للمؤمنين في التوكل على الله ـ تعالى ـ شيء ؛ لأنه ليس عنده ما ينصرهم ولا ما يعينهم ، فعلى ما ذا يتوكلون عليه على قولهم إذا لم يملك ما ذكرنا ، ومن قولهم : إن على الله ـ تعالى ـ أن يعطي من المعونة والتوفيق حتى لا يبقى عنده مزيد بشيء فلو منع شيئا من ذلك لم يعطهم يكون جائرا ، ثم إذا أعطاهم ما ذكروا ، ولا يهتدون ولا ينتصرون ، والله ـ تعالى ـ قال : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) [آل عمران : ١٦٠] ، وقال : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) [الأعراف : ١٧٨] ؛ فدل أن ما قالوا مخالف للكتاب.
ثم اختلف في اشتقاق النجوى :
فمنهم من قال : هو من النجوة ، وهو المكان العالي المرتفع : وذلك أنهم كانوا يقومون في مكان مرتفع فيتحدثون فيه فإذا رأوا من قصد بهم فيتفرقون ، أو كلام نحو هذا معناه.
ومنهم من قال : التناجي : التحالي بما ذكروا ، فيكون معنى قوله : (إِذا تَناجَيْتُمْ) أي : إذا تحاليتم فلا تتحالوا بما ذكر.
وقال القتبي : التناجي من التشاور ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ ...) الآية.
يخرج على وجهين :
أحدهما : وإذا قيل لكم تأخروا في المجلس فتأخروا ، (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) ، أي : ارتفعوا وتقدموا ؛ فيكون قوله : (تَفَسَّحُوا) إذا كان الحضور أو لا هم الذين همتهم السماع والعمل به ثم جاء من يريد التفقه فيه ، فقيل لهم : تأخروا ؛ حتى يقرب من يصير إماما للناس وفقيها لهم. وإذا كان الحضور هم الذين همتهم أن يكونوا هم الأئمة ، ثم جاء بعد ذلك من كان همتهم السماع والعمل به ، قيل للذين تقدموا أو لا : ارتفعوا وتقدموا حتى يسمع من حضر بعدكم قول النبي صلىاللهعليهوسلم ، والله أعلم.
والثاني : أنه إذا كان في المجلس أدنى سعة وفسحة ما يمكن تمكين غيره بالتحريك والتفسح دون القيام يقال لهم : تفسحوا. وإذا لم يمكن ذلك إلا بالقيام قيل لهم : قوموا وارتفعوا وتقدموا.
وقوله : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) يحتمل وجوها :
أحدها : يفسح الله لكم في القبر ، أو في الآخرة في الجنة ، أو يفسح الله لكم في