سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) فدعا أوسا زوجها فقال : «ما الذي حملك على ما صنعت بخولة ، وقد أنزل الله فيها ما أنزل؟» ، وبعث إليها فرحب بها ، فقال : يا رسول الله عمل الشيطان ، فهل من أمر يجمعني الله وإياها؟ قال : نعم ، ثم تلا عليهم آية الكفارة إلى آخرها (١).
ثم بين هذه الروايات اختلاف : ذكر في رواية القرطبي أنه قال ـ عليهالسلام ـ : «ما أراك إلا وقد حرمت عليه» ، وفي رواية قال لها : «ما أمرت في شأنك من شيء» ، لكنه يمكن التوفيق بين الخبرين ، وهو أن قوله : «ما أراك إلا وقد حرمت عليه» على ما كان أهل الجاهلية يرونه محرما ، فقال : «ما أراك إلا وقد حرمت عليه» من ذا الوجه ، لكنه لم ينزل علي شيء في بيان هذا ، فإن ينزل شيء على في هذا أبينه لك.
والثاني : أن ليس في قوله : «ما أراك» إثبات حرمة ، بل هو قول على الظن بما قد كان الناس يعرفون بينهم لذلك القول ، ويجوز أن يراد التقرير على ذلك ، أو يرد لهذه الحادثة الحرمة بالوحي ، فتوقف في الجواب مع الإشارة لها بالامتناع من الزوج ؛ احتياطا لباب الحرمة ، والله أعلم.
ثم إن بعض الفقهاء ذكر الاختلاف بين السلف في حكم الظهار قبل نزول الآية :
عن عكرمة أنه قال : كانت النساء تحرم بالظهار حتى أنزل الله تعالى هذه الآية ، وكان طلاقا قبل نزول الآية ، فجعله الله تعالى بهذه الآية ظهارا.
وعن أبي قلابة وغيره : كان طلاقهم في الجاهلية الإيلاء والظهار (٢).
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إنما كان طلاق أهل الجاهلية الظهار ، وقد جعل لهذه الأمة حرمة ترتفع وتزول بالكفارة التي أوجب.
وعن الحسن أنه قال : كان الظهار أشد الطلاق ، وأحرم الحرام ، إذا ظاهر من امرأته لم يرجع إليها أبدا.
والأشبه أنه لا يكون طلاقا في الإسلام لو كان يكون في الجاهلية ، وأنه [لا] يكون موجبا حرمة لا ترتفع أبدا ؛ كما قال الحسن ؛ فإنه ذكر في حديث خولة أن زوجها لما قال لها : ما أراك إلا وقد حرمت علي ، قالت : والله ما ذكرت لي طلاقا ، ولو كان الظهار طلاقا لعرفته ، وكذلك لما أخبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال لي : أنت علي كظهر أمي ،
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٤ / ٣٠٤) بنحوه.
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٣٧٣١).