يقولون ، بل يقدرون فهذا خلاف لظاهر الآية ، والله أعلم.
وفي قوله : (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ـ أيضا ـ دلالة نقض قول المعتزلة من جهة أخرى ، وهو أنه ذكر المشيئة فيما هو حقه فضل وما هو حقه عدل ، حيث قال : (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) ، ولم يذكر المشيئة فيما هو حقه عدل ، وما هو ظلم وجور ، بل أطلق القول في ذلك ، فقال : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦] ، وقال : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) [غافر : ٣١] ، وقال : (لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [النساء : ٤٠] ، وقال : (لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) [يونس : ٤٤] ، وغير ذلك من الآيات نفى أن يلحق أحدا منه الظلم والجور ؛ ليعلم أن فعل الهدى منه يصل إلى من هداه وأرشده ، والإضلال منه عدل ، وكذلك قال : (يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [المدثر : ٣١] ، أي : من نال الهدى والرشد إنما ناله بفضله ورحمته ، ومن ضل فذلك عدل منه ؛ ولذلك قال : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) [الحجرات : ١٧] والله الهادي.
* * *