وقال بعضهم (١) : يبعث الله تعالى ملائكة عند الحشر ، فيحيطون بالدنيا يكونون في أقطارها ؛ فلا يستطيع شيطان ولا إنس ولا جان أن يخرج من الأقطار ، ولو خرجوا كانوا في سلطان الله.
وقيل (٢) : (إِلَّا بِسُلْطانٍ) أي : الحجة.
وقال قتادة : إلا بملك (٣).
وقال : إلا بقدرة الله تعالى والله أعلم.
ثم أوعدهم فقال : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ).
قرئ (شُواظٌ) بضم الشين وكسرها ؛ روي عن الحسن بالكسر ، وكذا عن مجاهد.
وقرئ (نُحاسٌ) بكسر السين وضمه ، فمن رفع (وَنُحاسٌ) عطفه على قوله : (شُواظٌ) ومن كسره ، عطفه على قوله : (مِنْ نارٍ).
ثم اختلف في تأويل الشواظ والنحاس : عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : النحاس : الدخان (٤).
وقيل (٥) : الشواظ : هو لهب النار ، الذي لا دخان فيه ، والنحاس : هو الدخان.
وعن الكلبي : الشواظ : لهب النار ، والنحاس : الصفر الذي يذاب ، فيعذبون به.
وقيل : الشواظ : هو الذي فيه الدخان ، والنحاس : هو النحاس المعروف ، يذاب ويصب على رءوسهم.
وقال الضحاك : الشواظ : الدخان الذي يخرج من اللهب ، ليس بدخان الحطب ، والنحاس : الصفر (٦) : فمن قرأ بالخفض يقول : لهب من نار ومن دخان ، ومن قرأ بالرفع أراد به الصفر ؛ يقول : يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس ذيب في النار.
وقيل : النحاس في القراءتين يحتمل الدخان ، ويحتمل الصفر ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا تَنْتَصِرانِ) قيل : لا تمتنعان من ذلك.
ويحتمل : أي : لا ناصر لكما كما يكون في الدنيا.
__________________
(١) قاله الضحاك بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٣٠١٧).
(٢) قاله عكرمة ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٣٠٢٢) وهو قول مجاهد أيضا.
(٣) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٣٣٠٢٤) ـ (٣٣٠٢٦) وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٩٨).
(٤) أخرجه ابن جرير (٣٣٠٣٩) ، (٣٣٠٤٠) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٩٨).
(٥) هو قول ابن عباس السابق.
(٦) أخرجه ابن جرير عنه (٣٣٠٣٨).