أي : مسرعين.
وقال قتادة : أي : عامدين (١).
وقال مجاهد : الإهطاع : السيلان (٢) ، وهو بالفارسية : يويه رفيق.
وقال بعضهم : مهطعين : ناظرين ، رافعي رءوسهم ؛ وهو قول الكلبي (٣).
وقال أبو عوسجة : أي : مسرعين ، مادين أعناقهم.
وقيل : الإهطاع : إدامة النظر إلى الداعي.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) ، وهو ما قال في آية أخرى : (يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ) [المدثر : ٩].
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(١٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) يقول ـ والله أعلم ـ : كذبت قبل قومك قوم نوح نوحا ـ عليهالسلام ـ وآذوه ، فصبر على التكذيب وأنواع الأذى ، ولم يدع عليهم بالهلاك ما لم يرد الإذن بالدعاء عليهم بالهلاك من الله ـ تعالى ـ فاصبر أنت على تكذيب القوم وأنواع الأذى ، وهو كقوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٣٥].
فإن قيل : ما الحكمة في تكرار هذه الأنباء في القرآن ، ولم يكرر ما فيه من الأحكام؟ قيل : إن هذه الأنباء والقصص إنما جاءت لمحاجة أهل مكة وأمثالهم من الكفرة في إثبات الرسالة والتوحيد والبعث ؛ إذ هم المنكرون لهذه الأشياء ، وهم كانوا أهل عناد ومكابرة ، وفيهم ـ أيضا ـ مسترشدون ، ومن حق المحاجة مع [من] ذكرنا وأمثالهم أن تعاد الحجة مرة بعد مرة ؛ لعلهم يقبلونها في وقت ، وتنجع في قلوبهم في وقت ، وإن لم تنجع في وقت ، ومن حق الموعظة للمسترشدين ـ أيضا ـ أن تكرر ليتعظوا ؛ إذ يختلف ذلك باختلاف الأحوال ، وقد ذكرنا فوائد تكرارها واقتصار الأحكام فيما تقدم ، والله أعلم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٣٢٧٣٣) وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٧٨).
(٢) أخرجه عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ، قال : هو النسلان ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٧٨).
(٣) وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير (٣٢٧٣٤) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٧٨).