آية أخرى ، فقال : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) [هود : ٦٥] يخبر أن كان قد بلغ عتوهم أن قد أجلوا ثلاثة أيام لنزول العذاب بهم ، فلم يمنعهم ذلك عن عتوهم ، ولم ينجع فيهم ، وقومك يا محمد ؛ حيث لم نذكر لعذابهم وقتا ولا أجلا أحق ألا ينجع فيهم ما توعدهم به ، ولا ينفعهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ).
أي : عما أمروا بطاعة ربهم ، والعتو : هو البلوغ في البأس والقساوة غايته ؛ كقوله تعالى : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم : ٨] أي : بائسا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ).
أي : إلى الصاعقة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) ، هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : أي : ما استطاعوا في الانتصار لعذاب الله والقيام له.
والثاني : ما استطاعوا من دفع العذاب عن أنفسهم ، لا بأنفسهم ، ولا بغيرهم ، (وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) بالأنصار والأعوان ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ).
أي : في أمر نوح ـ عليهالسلام ـ من قبل هؤلاء وإهلاكهم آية بينة وحجة للمؤمنين ؛ على ما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ظاهر.
قوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)(٥٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ).
أي : خلقناها بقوة ، (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي : لقادرون.
وجائز أن يكون الموسع : الواجد ؛ كقوله تعالى : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) [البقرة : ٢٣٦] ، أي : على الواجد الموسر قدره.
وقال بعضهم : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) في التدبير ، تدبير جميع الخلق عليهم أرزاقهم.