وقوله ـ عزوجل ـ : (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) ، وقال في موضع آخر (جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) [هود : ٦٩] والحنيذ : هو المشوي.
وقيل : هو الذي يشوى في الأرض بغير تنور ، والله أعلم.
وقال بعضهم : الحنيذ : الذي أنضج بالحجارة.
وقيل الحنيذ : هو الصغير الذي كان غذاؤه اللبن لا غير ، والله أعلم.
وما ذكر أهل التأويل في قصة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ «أنه لما قرب إليهم العجل قالوا : لا نأكله إلا بثمن ، قال : قللوه وأدوا ، قالوا : وما ثمنه؟ قال : تسمون الله ـ تعالى جل وعلا ـ إذا أكلتم ، وتحمدونه إذا تركتم ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : لهذا اتخذك الله خليلا» ، وغير ذلك من الكلام فنحن لا نذكر إلا قدر ما ذكره في الكتاب ؛ مخافة أن ندخل الزيادة والنقصان عما في كتبهم ويجد أهل الإلحاد في ذلك مقالا ، وهذه الأنباء إنما ذكرت حجة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في إثبات الرسالة ، فإذا قيل في ذلك ما يخاف أن يكون في ذلك زيادة أو نقصان عما في كتبهم ، كان الإمساك والكف عنه أولى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) ؛ لما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا لا تَخَفْ) لا لذلك أرسلنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) يحتمل قوله : (عَلِيمٍ) وجهين :
أحدهما : أي : بشروه بغلام يصير عليما إذا كبر.
والثاني : بشروه بغلام يولد عليما ، يؤتيه الله تعالى علما في بطن أمه ، وإذا ولد في صغره ، ولله أن يؤتي العلم من يشاء في حال الصغر والكبر ؛ ألا ترى أنه قال ـ عزوجل ـ في عيسى ـ عليهالسلام ـ : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم : ١٢] ، فعلى ذلك يحتمل هذا والله أعلم.
ثم ذلك الغلام هو إسحاق ـ عليهالسلام ـ لأنه بين في آية أخرى فيمن كانت البشارة ؛ حيث قال : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هود : ٧١] ؛ دل أن البشارة إنما كانت بإسحاق. ثم ذكر في سورة هود ـ عليهالسلام ـ البشارة لامرأته ، حيث قال : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هود : ٧١] ، وذكر في هذه السورة البشارة لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ بقوله (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) ، لكن جائز أنه لما بشرها بالولد ، بشرها بالولد منه ، فإذا بشر إبراهيم ـ عليهالسلام ـ بالولد منها ، وإذا بشر أحدهما بالولد من الآخر ؛ فتكون البشارة لهم جميعا ، والله أعلم.
قال أبو بكر الأصم : دل قوله تعالى : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ ...) [هود : ٧١] إلى أن قال : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود : ٧٢] : أن إسحاق أكبر من إسماعيل ؛ لأنها لما بشرت بالولد أخبر أنها عجوز ، وأنها عقيم وأن بعلها شيخ ولو كان إسماعيل هو الأول ، وكان