وعن الأصم أنه قال : الرس : كل موضع خدّ فيه ؛ ولذلك سمي الخد : خدّا ؛ لجري الدمع عليه ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِخْوانُ لُوطٍ) أي : قوم لوط.
وقوله : (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) قيل (١) : إنه كان رجلا مسلما صالحا ، مدحه الله ـ تعالى ـ وذم قومه ، سمي : تبعا ؛ لكثرة أتباعه.
ولا حاجة بنا إلى تفسيره بأنه من كان؟ وما اسمه؟ كما ذكر بعض أهل التأويل ؛ لما لم يذكر في القرآن ، ولم يثبت بالتواتر ، فلا نزيد على ذلك القدر ؛ احترازا عن الكذب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) يخوف أهل مكة أن أولئك الذين ذكرهم جميعا قد أهلكوا بتكذيبهم الرسل ، فحق عليهم الوعيد بذلك ؛ فعلى ذلك يحق عليكم ذلك الوعيد بتكذيب الرسول ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) هو يخرج على وجهين :
أحدهما : (أَفَعَيِينا) أي : أعجزنا عن الخلق ؛ أي : حيث لم نعجز عن الخلق الأول ، فكيف نسبونا إلى العجز عن الخلق الثاني؟!
والثاني : (أَفَعَيِينا) أي : أجهلنا وخفي علينا تدبير الخلق الثاني ، وابتداء تدبير الخلق الأول وإنشاؤه أشد عندكم من إعادته ، والإعادة عندكم أهون ، فإذا لم نعجز عن ابتداء إنشائه ، ولم نجهل ، ولم يخف علينا الابتداء ، فأنّى نعجز عن الإعادة؟!
ثم قال بعضهم : الخلق الأول هو آدم ، عليهالسلام.
وقال عامتهم : هو ابتداء خلقهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي : هم في شك واختلاط من خلق جديد ؛ لما تركوا النظر في سبب المعرفة ؛ ليقع لهم العلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) هو يخرج على وجهين :
أحدهما : يقول : على علم منا بما تحدث به نفسه وتوسوس من أنواع الحديث والوسوسة ، لا عن جهل وخفاء فعلنا ذلك ، فإن هو كفها وحبسها عما تدعو به إليه نفسه وتهواه ويصرفها إلى ما يدعوه عقله وذهنه نجا وفاز ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٣١٨٤٣) وورد في معناه حديث عن سهل بن سعد مرفوعا : «لا تلعنوا تبعا فإنه كان قد أسلم». أخرجه ابن جرير عنه (٣١٨٤٦).