الدين والدنيا ، ويطهر به كل شيء ويزين ، وبه حياة كل شيء ونماؤه ، والمبارك كل خير يكون على النماء والزيادة في كل وقت ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) يقول : أنبتنا بذلك الماء المبارك المنزل من السماء (جَنَّاتٍ) أي : بساتين ، والمكان الذي جمع فيه كل أنواع الشجر سمي : بستانا وجنّة.
وقوله : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) أي : أنبت ذلك الماء كل حب حصيد ، فدخل تحت قوله : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) أنواع الشجر والغرس والنبات.
ثم قوله ـ تعالى ـ : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) الحب والحصيد هو الحب نفسه ، لكن أضاف الحبّ إلى الحصيد ، ويجوز مثل هذا ؛ كما يقال صلاة الأولى ، ومسجد الجامع.
وقال بعضهم : هما غيران ؛ الحب : ما يخرج منه ، والحصيد : ما يحصد من العصف الذي يصير نبتا ؛ لأن الحب لا يحصد ، وإنما يحصد الساق منه ؛ لذلك أضاف الحب إلى الحصيد ، وهو شجره وقوامه ؛ لذلك أضيف إليه ؛ كما يقال : ثمر الشجر ، ونحو ذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ).
قوله : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) أي : طوال ؛ يقال : بسق الشيء بسوقا إذا طال.
وقال أبو عوسجة : (باسِقاتٍ) أي : حوائل.
يخبر الله ـ عزوجل ـ عن بركة الماء أنه بلطفه جعل الماء بحيث تظهر بركته ونماؤه وأثره على رأس النخل ، وإن طال يسقى الأصل ؛ لما جعل في سريته من البركة ، والمعنى ما يظهر ذلك ، ولا يعلم حقيقة ذلك المعنى.
وقوله : (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) أي : منضود ، والطلع : أول ما يخرج من النخل فيحمل ، والتنضيد : هو التأليف والتركيب ؛ أي : يؤلف بعضه إلى بعض ويركب ، ويسمى ذلك : كفرّى ، وإذا نضج استوجب الطلع ويعرف وصار رطبا.
وقال أبو عوسجة (نَضِيدٌ) أي : متراكم بعضه على بعض ، والميل المتراكم يقال له : منضود ، والتنضيد : هو جعل [الشيء] بعضه فوق بعض ، ونضد الشيء بنفسه فهو نضيد.
وقيل : (نَضِيدٌ) أي : كثير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رِزْقاً لِلْعِبادِ) أخبر أن ذلك كله إن ذلك كله إنما أنبته وأخرجه رزقا للعباد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحْيَيْنا بِهِ) أي : بالماء (بَلْدَةً مَيْتاً) أي : أحيا بالماء كل بلدة ميت ، وكل بقعة ميتة ، وكل غرس ، فصار به كل حي ونماء كل شيء.
ثم قال : (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) ، أي : كما قدر على إحياء ما ذكر من الأرض بعد موتها ،