الإنس والجن ؛ حيث ذكر ما ذكرنا وألزمهم الإجابة والحذر ، والله أعلم.
ثم قوله ـ تعالى ـ : (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) يحتمل الإجابة له في الاعتقاد والإيمان به.
ويحتمل في المعاملة في كل أمر ، وفي كل شيء ، فكذلك قوله : (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ) فيما دعاه (فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) أي : ليس بسابق ولا هارب من عذابه ؛ يقول ـ والله أعلم ـ : أن ليس يقدر أحد التخلص من عذابه بهربه منه والفرار عنه كما يقدر الفرار والهرب بعض من عذاب بعض في الدنيا ربما ؛ ولذلك ما قال : (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) أي : ليس لهم من دونه أولياء ينفعونه ويدفعون العذاب عنهم كما يقوم بعض في دفع ما يلحقهم من البلايا والشدائد في الدنيا ؛ إذ ليس قوله : (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) أن لا ولاية لهم ؛ إذ قال في موضع آخر : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة : ٥١] ولكن لا تنفع ولايتهم يومئذ كما لا تنفع في الدنيا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي : من لم يجب داعي الله فهم في ضلال مبين.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٣٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) الآية.
والإشكال : ما معنى قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا) ، وهم لم يشاهدوا خلقهما ، ولم يروا ، لكن قال بعضهم : أي : أو لم يخبروا؟
وقال بعضهم : أو لم يعلموا؟ أي : قد أخبروا وعلموا ؛ ذكر هذا لأنهم كانوا مقرين جميعا أن الله هو الذي خلق السموات والأرض.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) يقول ـ والله أعلم ـ أي : لما علموا أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو خلق السموات والأرض ، ولم يضعفه خلق ما ذكر ، ولم يعجزه ذلك عن تدبير ما يحتاج ذلك إليه من الإمساك والقيام بما به قوام ما خلق فيهن من الخلائق وإصلاحهم ، فإذا لم يعجز عما ذكره لا يحتمل أن يكون عاجزا عن إحياء الموتى ، أو عن شيء البتة.
أو يقول : حيث لم يعي ؛ ولم يظهر فيه الضعف في خلق ما ذكر ، ثم لا أحد يملك أن