وقال بعضهم : أو أثرة من علم هو الخط ؛ وهو قول ابن عباس (١) ، رضي الله عنه.
وذكر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كان نبي من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ يخط ، فمن صادف مثل خطه علم» (٢).
وقال أبو عوسجة : أو أثرة من علم أي : قديم من علم ، قال : ذا الأثارة : الشحم القديم.
وقيل : أو أثرة من علم أي : رواية عن الأنبياء عليهمالسلام.
ثم ذكر سفههم وبين نهاية تعنتهم ، وهو قوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) ؛ لأنه لا يملك إجابته ولا يحتمل ذلك.
والثاني : لا يستجيب له إلى يوم القيامة ، ثم إذا جاء به يوم القيامة أجابه باللعن والتبري ، كقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥] ، وقوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) [البقرة : ١٦٦] ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ) [يونس : ٢٨] ، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر تبرى بعضهم من بعض ، ولعن بعضهم بعضا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) لم يكن منهم لهم أمر بذلك ولا دعاء ولا شيء من ذلك ، كقوله ـ تعالى ـ : (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) [يونس : ٢٩].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) هو ما ذكرنا أنه يصير بعضهم لبعض أعداء يتبرءون منهم ، ويلعنونهم ، ويكفرون بعبادتهم.
قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ
__________________
(١) أخرجه الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب من طريق أبي سلمة عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤).
(٢) أخرجه عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي هريرة ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤).