موقن بها ومتحقق ، ولكن في العمل لها والاستعداد لها كالظان.
والثاني : ظان بها ، شاك فيها جاحد لها ومكذب كالموقن ألا تكون.
ثم الإيقان بالشيء هو العلم بالأسباب الظاهرة ، وقد يدخل في تلك الأسباب أدنى شبهة وشك ؛ لذلك ذكر فيه الظن ، والله أعلم.
وأما العلم بالشيء قد يكون بالسبب ، وقد يكون بالتجلي له بلا سبب ؛ ولذلك وصف الله ـ تعالى ـ بالعلم ، ولم يوصف بالإيقان ، ولا يقال : إنه موقن ؛ لما ذكرنا : أن أحدهما يكون بأسباب والآخر لا ـ والله أعلم ـ فيتمكن في الإيقان أدنى شبهة وشك ، وقد يعمل غالبا لأسباب على حقيقة الأعمال ؛ نحو المكره على الشرّ يعلم بما أوعد به بغالب أسبابه ليس على الحقيقة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : بدا لهم أنّ الأعمال في الدنيا أنها أسباب في الآخرة ؛ لأنهم عملوها في الدنيا وعندهم أنها حسنات ، فيظهر لهم في الآخرة أنها سيئات.
والثاني : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) أي : ظهر لهم في الآخرة وتذكروا سيئات ما عملوا في الدنيا والآخرة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي : نزل بهم ، ووجب ما كانوا يستعجلون من الرسل ، وهو العذاب الذي كانوا يوعدونهم ؛ لأنهم كانوا يستعجلون ذلك استهزاء منهم بهم بأنه غير كائن ، ولا نازل بهم ما كانوا يوعدونهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) ، والإشكال : أنهم كيف ينسون يومئذ؟ لأنهم لو كانوا ينسون ، لسلموا من العذاب ، لكن ما ذكر من النسيان يخرج على وجهين :
أحدهما : كنى بالنسيان عن الترك ؛ يقول : اليوم نترككم في النار وفي العذاب كما تركتم أنتم العمل لذلك اليوم والنظر فيه.
والثاني : على التمثيل ؛ أي : اليوم نصيركم في النار كالشيء المنسي لا يكترث إليكم ، ولا يلتفت ، ولا يعبأ بكم كما صيرتم أنتم ذلك اليوم كالشيء المنسي ، لم تكترثوا إليه ، ولم تعملوا له ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) جعل الله ـ تعالى ـ النار لهم مأوى بإزاء كل ما افتخروا في الدنيا على رسل الله ـ عليهمالسلام ـ وأتباعهم من المنازل ، والمراكب ، والملابس ، وغير ذلك ، وأخبر أنه لا ناصر لهم يملك إخراجهم