وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) أي : وإذا تتلى عليهم آياتنا في البعث والحياة بعد الموت (بَيِّناتٍ) أي : ما يوضح ويبين لهم البعث والحياة بعد الموت.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، والإشكال : أنه [لما ذا] ذكر (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) إذ لم يعذروا.
فنقول : الحجة هي التي إذا أقامها الإنسان وأتى بها عذر في ذلك ، وما قالوا لم يكن حجة ؛ إذ لم يعذروا ، فيكون معنى قوله : (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) أي : ما كان احتجاجهم إلا أن قالوا كذا.
أو نقول : ما كانوا يحتجون إلا أن قالوا كذا.
ثم قوله : (ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيه دلالة ألا يلزم المسئول أن يأتي بحجة وآية يختارها السائل ويشتهيها ، لكن يلزمه أن يأتي بما هو حجة في نفسه ، ويلزمه الاتباع بها ، فأما أن يلزم على ما يختاره السائل أو يتمناه فلا ، وقد أتاهم الله ـ تعالى ـ من الآيات والحجج ما ألزمهم القول بالبعث والإقرار به.
ثم أخبر أن الله ـ تعالى ـ هو يحييكم ثم يميتكم ، لا الدهر الذي قالوا ، وهو قوله : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) يحتمل قوله : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) أي : يحييكم في قبوركم ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) فيها ، (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).
أو يقول : (اللهُ يُحْيِيكُمْ) في ابتداء الأمر ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) في الدنيا عند انقضاء آجالكم ، (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أي : ولكن أكثر الناس لا ينتفعون بما يعلمون.
أو يقول : ولكن أكثر الناس لا يعلمون ؛ لما تركوا النظر بالتأمل في أسباب العلم.
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا