إليها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) هذا ـ أيضا ـ يحتمل وجهين :
أحدهما : حقيقة الهداية ، وهو التوفيق والعصمة ، فكأنه يقول ـ والله أعلم ـ : فمن يقدر دون الله [على] هدايته وتوفيقه بعد اختياره الضلال.
والثاني : الهدى : البيان ؛ فكأنه يقول : فمن يقدر أن يأتي ببيان أكثر وأبين من بعد بيان الله ـ تعالى ـ الذي بين له؟ أي : لا أحد يقدر [على] ذلك (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي : أفلا تتعظون ، أو (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) بيان الله أو ما بين لكم ، والله أعلم.
ثم الآية في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ؛ لئلا يشتغل بهم ، ولا يهمّ لهم ، ولكن يشتغل بغيرهم ، ويقطع طمعه عن إيمانهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) أي : ما قالوا : ما الحياة إلا حياة الدنيا.
ويحتمل أنهم يقولون : (ما هِيَ) أي : لا حياة إلا الحياة التي دنت منا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (نَمُوتُ وَنَحْيا) يخرج على وجهين :
أحدهما : أي : نموت نحن وتحيا أبناؤنا وأولادنا.
والثاني : (نَمُوتُ) أي : كنا ميتين فحيينا (نَمُوتُ) بمعنى : كنا أمواتا (وَنَحْيا) أي : فصرنا أحياء ، ثم لا حياة بعد تلك الحياة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : أي : ما يهلكنا إلا مرور الأزمنة والأوقات ؛ أي : بسبب مرور الأوقات ينتهي آجالنا ، ونبلغ إلى الهلاك ، وكذلك قال القتبي : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) أي : إلا مرور السنين والأيام.
والثاني : أن يكون الدهر عندهم عبارة عن الأبد ؛ فكأنهم يقولون في قوله : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) : وما يهلك أنفسنا إلا الدهر ؛ لأن أنفسنا لم تجعل للأبد ، ولا للبقاء للأبد ، بل جعلت للانقضاء والفناء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أي : ما هم إلا على ظن يظنون.
والثاني : (وَما لَهُمْ بِذلِكَ) أي : وما لهم بما قالوا : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) ـ (مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أي : ما هم إلا على ظن يظنون ؛ أي : على ظن يقولون ذلك ، لا عن علم ، والله أعلم.