وأبي : وقربت الجحيم الضالين وفي هذه [القراءة] الظاهرة : برّزت : أظهرت.
وقوله : (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللهِ) في الدنيا ، أي : ثم يقال لهم : أين ما كنتم تعبدون من دون الله في الدنيا ، هل ينصرونكم ويمنعونكم من عذاب الله ، أو ينتصرون هم من العذاب؟! لأنهم يطرحون جميعا العابد والمعبود في النار ؛ كقوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) ، وإنما قالوا ذلك لهم ؛ لأنهم كانوا يقولون في الدنيا : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨] و (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ، فيقال لهم مقابل ذلك في الآخرة : (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) الآية.
وقوله : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) : قال الزجاج (١) : هو من كب ، أي : كبوا ، لكن ذكر كبكبوا على التكرار والإعادة مرة بعد مرة ، أي : يكبون لم يزل عملهم ذلك ، أو كلام نحو هذا.
وقال القتبي (٢) : (فَكُبْكِبُوا فِيها) : ألقوا على رءوسهم ، وقذفوا.
وأصل الحرف كبوا ، من ذلك كببت الإناء ، فأبدلت مكان الباء الكاف ، وهو الطرح والإلقاء على الوجوه ؛ يقال : كبكبتهم أي : طرحتهم في النار أو في البئر (٣) ، هو من قوله : (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) [النمل : ٩].
(وَالْغاوُونَ) : قيل : الضالون ، يقال : غوى يغوى غيا وغواية فهو غاو ، أي : ضل ؛ وهو قول أبي عوسجة والقتبي.
وقال أبو معاذ : (فَكُبْكِبُوا) : أصله : كبوا.
وقال بعضهم (٤) : جمعوا فيها : (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ).
قال بعضهم (٥) : (وَالْغاوُونَ) هم الشياطين ، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ) : ذريته ، أي : الشياطين الذين أضلوا بني آدم ؛ وهو قول قتادة.
وقال بعضهم : (وَالْغاوُونَ) : هم كفار الجن ، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ) هم الشياطين.
وقال بعضهم : (وَالْغاوُونَ) : هم الأئمة من الكفار ، (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ) : سائر الكفار أتباعهم وذريتهم ، والله أعلم (٦).
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن وإعرابه (٤ / ٩٤).
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣١٨).
(٣) ينظر : اللباب (١٥ / ٥١).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٦٧٣) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٦٦).
(٥) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٦٧٥) ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٦٧).
(٦) ينظر : اللباب (١٥ / ٥٢).