إنما هو قول تقولونه بألسنتكم فيما بينكم.
(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) :
إنهم ليسوا بأبنائكم.
أو أن قوله : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) ، تأويله : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) : أعدل عند الله ، أي : انسبوهم إليهم إن علمتموهم.
(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ).
قال بعض أهل التأويل (١) : فانسبوهم إلى أبيهم من أسماء مواليكم أو إخوانكم أو ابن عمكم ، مثل عبد الله وعبيد الله ، وعبد الرحمن ، وأشباه ذلك الأسماء وأسماء مواليكم.
أو أن يقول : قوله : (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) ، أي : سموهم : إخوانا ، وذلك أعظم في القلوب وآخذ من التسمية بالآباء والنسبة إليهم ؛ وذلك أن الحاجة إلى معرفة الآباء والنسبة إليهم إنما تكون عند الكتابة والشهادة وعند الغيبة ، فأما عند الحضرة فلا.
وقوله : (وَمَوالِيكُمْ) ، قال بعضهم : نزل هذا في شأن زيد بن حارثة ، وهو كان مولى رسول الله ، وكانوا يسمونه : زيد بن محمد ؛ فنهوا عن ذلك ، فيقول : فإن لم تعلموا آباءهم فانسبوهم إلى مواليهم.
وجائز أن يكون قوله : (وَمَوالِيكُمْ) من الولاية ، كقوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ، وقال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات : ١٠].
وقوله : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ).
يقول ـ والله أعلم ـ : ليس عليكم جناح بالنسبة إلى غير الآباء إذا كنتم مخطئين غير عارفين للآباء ؛ إنما الجناح والحرج عليكم إذا كنتم عامدين لذلك عارفين لهم آباء ؛ كأنه أباح التبني والتآخي فيما بينهم ، ولم يبح النسبة إلى غير الآباء وإيجاب الحقوق فيما بينهم.
وكذلك روي في بعض الخبر أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يؤاخي بين الرجلين ، وإذا مات أحدهما ورثه الباقي منهما دون عصبته وأهله ، فكان الزبير أخا عبد الله بن مسعود ، فمكثوا بذلك ما شاء الله أن يمكثوا ، حتى نزلت الآية.
وقال بعضهم (٢) : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) ، يقول : إذا دعوت الرجل
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٣٣١) ، وهو قول ابن جريج ومقاتل ومجاهد.
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٣٣٣) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٥٠).