وقال بعضهم (١) : أما البر فأهل العمود ، والبحر : هم أهل القرى والريف.
وقال بعضهم (٢) : البر : قتل ابن آدم أخاه ، والبحر : (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩].
وجائز أن يكون لا على حقيقة إرادة البر والبحر ؛ ولكن على إرادة الأحوال نفسها ، على ما ذكرنا من القحط والضيق وقلة الأنزال ؛ بما كسبت أيدي الناس من الشرك والكفر.
(لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا).
وهو الشرك ، هذا أشبه.
وعن الحسن (٣) قال : (أفسدهم الله في بر الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة ؛ لعلهم يرجع من كان بعدهم ويتعظون بهم).
وقتادة (٤) يقول : لعل راجعا يرجع ، لعل تائبا يتوب ، لعل مستغيثا يستغيث ، وأصله : لكي يلزمهم الرجوع والتوبة عما عملوا ، وينبههم عن ذلك كله.
وقال بعضهم : (٥) (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ، أي : أجدب البر وانقطعت مادة البحر ؛ بذنوب الناس.
قال أبو عوسجة : الربا من الربو مثل ما يصنع أصحاب الربا ، (لِيَرْبُوَا) ، أي : ليزيد ويكثر ؛ يقال : ربا ماله ، أي : كثر.
والقتبي (٦) يقول : أي : يزيدكم من أموال الناس من زكاة وصدقة.
وقوله : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ).
قد ذكرنا في غير موضع : أنه ليس على حقيقة الأمر بالسير في الأرض ؛ ولكن كأنه يقول : لو سرتم في الأرض ونظرتم لرأيتم عاقبة من كان قبلكم من المشركين ، وهكذا في الرسل وما حل بهم ؛ فينبهكم ويمنعكم عن تكذيب الرسل والشرك بالله.
أو أن يكون هو على الأمر بالفكر والنظر والاعتبار ؛ كأنه يقول : تفكروا واعتبروا فيما سرتم في الأرض ، وانظروا إلى ما ذا صار عاقبة مكذبي الرسل من قبل ؛ فينزل بكم بالتكذيب ما نزل بأولئك؟ والله أعلم.
وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ).
__________________
(١) قاله ابن جرير (١٠ / ١٩١).
(٢) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٢٨٠٠٣) و (٢٨٠٠٦) ، والفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٠١) ، وهو قول ابن أبي نجيح وعطية.
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٨٠٠٢) ، وابن أبي شيبة ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٠٢).
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٨٠١٠) ، وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٠٢).
(٥) قاله ابن زيد ، أخرجه ابن جرير (٢٨٠٠١).
(٦) ينظر : تفسير غريب القرآن (٣٤٢).