والسنة ونحوه ؛ يقال : أمرنا الكتاب بكذا ، والسنة بكذا ، ونهانا عن كذا ، وإن لم يكن منهما أمر حقيقة ولا نهي ؛ لما بهما يعرف الأمر والنهي ، وهما سببا ذلك ؛ فعلى ذلك جائز إضافة النهي إلى الصلاة أن يكون على هذا السبيل.
وقوله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) اختلف فيه :
قال بعضهم (١) : ذكر الله أكبر في العبادات من أنفس تلك العبادات.
ووجه هذا ـ والله أعلم ـ :
أن العبادات إنما تكون بجوارح تغلب وتقهر وتستعمل ؛ فلا تعرف تلك أنها لله إلا بتأويل.
وأمّا ذكر الله إنما يكون باللسان والقلب ، وهما لا يغلبان ، ولا يستعملان ولا يقهران ، فهو يعرف أن ذلك لله حقيقة ، فهو أكبر.
وقال بعضهم : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) من سائر الأذكار التي ليست لله ؛ فهذا ليس فيه كبير حكمة ؛ لأن ذلك يعرفه كل أحد.
وقال بعضهم : ذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة.
وقال بعضهم (٢) : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ؛ لأن ذكره إياكم رحمة ومغفرة ، وذلك مما لا يعدله ولا يوازيه شيء ، وأما العبد فإنه يذكر ربه بأدنى شيء.
وقال بعضهم : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) : أي : ما وفق الله العبد من ذكره إياه وطاعته له أكبر من نفس ذلك الذكر ونفس تلك العبادة.
وذكر في حرف ابن مسعود وأبيّ وحفصة : إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر.
وعن الحسن يحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا ، ولم يزدد بها عند الله إلا مقتا» (٣).
وعن سلمان الفارسي قال : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه (٤).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : لهذا وجهان :
__________________
(١) قاله أبو مالك ، أخرجه ابن جرير (٢٧٨١٤) وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٨٠).
(٢) قاله عكرمة ومجاهد ، أخرجه ابن جرير عنهما (٢٧٧٩٥) و (٢٧٧٩٨) ، وهو قول ابن عباس ، كما سيأتي.
(٣) أخرجه عبد بن حميد وابن جرير (٢٧٧٨٥) ، والبيهقي في الشعب ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٧٩).
(٤) أخرجه ابن جرير (٢٧٨٠٠) و (٢٧٨٠٢).